نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل في الاستثناء ( وإذا قال رجل لامرأته : أنت طالق إن شاء الله تعالى متصلا لم يقع الطلاق ) لقوله عليه الصلاة والسلام " { من حلف بطلاق أو عتاق وقال : إن شاء الله تعالى متصلا به فلا حنث عليه }ولأنه أتى بصورة الشرط فيكون تعليقا من هذا الوجه وإنه إعدام قبل الشرط والشرط لا يعلم هاهنا فيكون إعداما من الأصل . ولهذا يشترط أن يكون متصلا به بمنزلة سائر الشروط ( ولو سكت يثبت حكم الكلام الأول ) فيكون الاستثناء أو ذكر الشرط بعده رجوعا عن الأول . قال : ( وكذا إذا ماتت قبل قوله إن شاء الله تعالى ) ; لأن بالاستثناء خرج الكلام من أن يكون إيجابا والموت ينافي الموجب دون المبطل ، بخلاف ما إذا [ ص: 471 ] مات الزوج ; لأنه لم يتصل به الاستثناء


فصل في الاستثناء

الحديث الحادي عشر : قال عليه السلام : { من حلف بطلاق أو عتاق ، وقال : إن شاء الله متصلا به ، فلا حنث عليه }; قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى أصحاب السنن [ ص: 471 ] الأربعة من حديث أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من حلف على يمين فقال : إن شاء الله ، فلا حنث عليه }انتهى .

بلفظ الترمذي ، وقال : حديث حسن ، وقد روي عن نافع عن ابن عمر موقوفا ، وروي عن سالم عن ابن عمر [ ص: 472 ] موقوفا ، ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب السختياني ، وقال إسماعيل بن إبراهيم : كان أيوب أحيانا يرفعه ، وأحيانا لا يرفعه انتهى . ولفظ أبي داود فيه : فقد استثنى .

{ حديث آخر } : أخرجه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على يمين ، فقال : [ ص: 473 ] إن شاء الله فلا حنث عليه }انتهى .

قال الترمذي : سألت محمدا عن هذا الحديث فقال لي : هذا حديث خطأ ، أخطأ فيه عبد الرزاق ، اختصره من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن سليمان قال : لأطوفن الليلة ، الحديث ; وفيه : لو قال : إن شاء الله ، لكان كما قال انتهى .

ولفظ أبي داود : فقد استثنى [ ص: 474 ] ورواه البزار في " مسنده " ، وقال : أخطأ فيه معمر ، واختصره من حديث سليمان بن داود : لأطوفن الليلة ، إلى آخره ; وهذا مخالف لكلام البخاري .

{ حديث آخر } : أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن إسحاق بن أبي نجيح الكعبي [ ص: 475 ] عن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قال لامرأته : أنت طالق إن شاء الله ، أو لغلامه أنت حر ، أو قال : علي المشي إلى بيت الله إن شاء الله ، فلا شيء عليه }انتهى .

وهو معلول بإسحاق الكعبي ، نقل شيخنا شمس الدين الذهبي تضعيفه عن الدارقطني ، وابن حبان ، ولم يذكر أحدا وثقه ، قال : وذكر ابن عدي له عشرة أحاديث : منها هذا انتهى .

قلت : لم يذكر له ابن عدي غير حديثين : أحدهما : هذا ، والآخر عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يميز الله أولياءه وأصفياءه ، حتى تطهر الأرض من المنافقين } ، ثم قال : وهذان الحديثان بسنديهما منكران ، لا يرويهما إلا إسحاق هذا ، ولم أر له من الحديث إلا مقدار عشرة ، أو أقل ، ومقدار ما رأيته مناكير انتهى .

{ حديث آخر } : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ، والدارقطني في " سننه " عن إسماعيل بن عياش عن حميد بن مالك أنه سمع مكحولا يحدث عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما خلق الله أحب إليه من العتاق ، ولا أبغض إليه من الطلاق ، فمن أعتق واستثنى ، فالعبد حر ، ولا استثناء له ، وإذا طلق واستثنى فله استثناؤه ، ولا طلاق عليه }انتهى .

وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، وقال : في إسناده [ ص: 476 ] حميد بن مالك ، وهو ضعيف ، وقال البيهقي : هو حديث ضعيف ، ومكحول عن معاذ منقطع ; وقال ابن الجوزي في " التحقيق " : مكحول لم يلق معاذا ; وابن عياش ، وحميد ، ومكحول كلهم ضعفاء ، انتهى .

وقال في " التنقيح " : الحمل فيه على حميد ، تكلم فيه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابن عدي والأزدي ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية