نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 267 - 272 ] باب الحيض والاستحاضة ( أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها ، وما نقص من ذلك فهو استحاضة ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام ولياليها ، وأكثره عشرة أيام }" وهو حجة على الشافعي رحمه الله تعالىفي التقدير بيوم وليلة . وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى: أنه يومان والأكثر من اليوم الثالث ، وإقامة للأكثر مقام الكل . قلنا : هذا نقص عن تقدير الشرع . ( وأكثره عشرة أيام ولياليها ، والزائد استحاضة ) لما روينا ، وهو حجة على الشافعي رحمه الله تعالىفي التقدير بخمسة عشر يوما ، ثم الزائد والناقص استحاضة ; لأن تقدير الشرع يمنع إلحاق غيره به .


باب الحيض

الحديث الأول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " { أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام ، وأكثره عشرة أيام }" قلت : روي من حديث أبي أمامة . ومن حديث واثلة بن الأسقع . [ ص: 273 ] ومن حديث معاذ بن جبل . ومن حديث أبي سعيد الخدري . ومن حديث أنس بن مالك . ومن حديث عائشة .

أما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني في " معجمه " والدارقطني في " سننه " من حديث حسان بن إبراهيم عن عبد الملك عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة ، وأكثر ما يكون عشرة أيام ، فإذا زاد فهي مستحاضة }" قال الدارقطني : عبد الملك مجهول ، والعلاء بن كثير : ضعيف الحديث ، ومكحول : لم يسمع من أبي أمامة . وأخرجه ابن عدي في " الكامل " ولين حسان بن إبراهيم ، وقال : إنه لا يتعمد الكذب ، ولكنه يهم ، وهو عندي لا بأس به ، انتهى .

ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث سليمان بن عمر وأبي داود النخعي عن يزيد بن جابر عن مكحول به ، وأعله بأبي داود النخعي ، وقال : إنه يضع الحديث ، وأعله بالعلاء بن كثير أيضا ، وقال : إنه يروي الموضوع عن الأثبات ، لا يحل الاحتجاج به إذا وافق الثقات ، فكيف إذا تفرد ؟ قال : ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث ، وليس كذلك ، فإن العلاء بن الحارث حضرمي ، وهذا من موالي بني أمية ، ذاك صدوق . وهذا ليس بشيء . أما حديث واثلة ، فرواه الدارقطني في " سننه " حدثنا أبو حامد محمد بن هارون ثنا محمد بن أحمد بن أنس الشامي ثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { أقل الحيض ثلاثة أيام ، وأكثره عشرة أيام }" انتهى .

قال الدارقطني : حماد بن منهال مجهول ، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف انتهى ، وقال ابن حبان : محمد بن راشد كثرت المناكير في روايته ، فاستحق الترك انتهى . [ ص: 274 ]

وأما حديث معاذ ، فأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن محمد بن سعيد الشامي حدثني عبد الرحمن بن غنم سمعت معاذ بن جبل يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { لا حيض دون ثلاثة أيام ، ولا حيض فوق عشرة أيام ، فما زاد على ذلك فهي مستحاضة تتوضأ لكل صلاة إلا أيام أقرائها ، ولا نفاس دون أسبوعين ، ولا نفاس فوق أربعين يوما ، فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين صامت وصلت ، ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين }" انتهى .

وضعف محمد بن سعيد هذا عن البخاري ، وابن معين ، وسفيان الثوري ، وقالوا : إنه يضع الحديث وأخرجه العقيلي في " ضعفائه " عن محمد بن الحسن الصدفي عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا حيض أقل من ثلاث ، ولا فوق عشر }" انتهى . وأعله بمحمد بن الحسن الصدفي : وقال : مجهول بالنقل ، وحديثه غير محفوظ انتهى .

وأما حديث الخدري فرواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " من حديث أبي داود النخعي حدثني أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر ، وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما }" انتهى .

قال ابن الجوزي : قال ابن حبان : كان سليمان يضع الحديث ، وهو أبو داود النخعي ، وقال أحمد : كان كذابا ، وقال البخاري : هو معروف بالكذب ، وقال يزيد بن هارون : لا يحل لأحد أن يروي عنه .

وأما حديث أنس فأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { الحيض ثلاثة أيام ، وأربعة ، وخمسة ، وستة ، وسبعة ، وثمانية ، وتسعة ، وعشرة ، فإذا جاوزت العشر فهي مستحاضة }" انتهى .

وأعله بالحسن بن دينار ، وقال : إن جميع من تكلم في الرجال أجمع على ضعفه ، قال : ولم أر له حديثا جاوز الحد في النكارة ، وهو إلى الضعف أقرب ، وهو معروف " بالجلد بن أيوب " عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفا ، وقد رويناه كذلك فيما تقدم في " حرف الجيم " انتهى .

[ ص: 275 ] وأما حديث عائشة فلم أجده موصولا ، ولكن قال ابن الجوزي في " التحقيق ، وفي العلل المتناهية " : وروى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { أكثر الحيض عشر ، وأقله ثلاث }" قال : وحسين بن علوان ، قال ابن حبان : كان يضع الحديث لا يحل كتب حديثه ، كذبه أحمد ، ويحيى بن معين انتهى .

وكذلك ذكره ابن حبان في " كتاب الضعفاء " لم يصل سنده به ، وقال ما نقله ابن الجوزي قال ابن الجوزي في " التحقيق " : واستدل أصحابنا ، وأصحاب مالك ، والشافعي على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما ، بحديث رووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي }" قال : وهذا حديث لا يعرف ، " وأقره صاحب التنقيح " عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية