نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( والحيض ) ( يسقط عن الحائض الصلاة ، ويحرم عليها الصوم ، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ) لقول عائشة رضي الله عنها: كانت إحدانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ، ولأن في قضاء الصلاة حرجا لتضاعفها ، ولا حرج في قضاء الصوم . ( ولا تدخل المسجد ) وكذا الجنب ; لقوله عليه الصلاة والسلام : " { فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" وهو بإطلاقه حجة على الشافعي رحمه الله في إباحة الدخول على وجه العبور والمرور . [ ص: 277 ] ( ولا تطوف بالبيت ) ; لأن الطواف في المسجد ( ولا يأتيها زوجها ) { ولا تقربوهن حتى يطهرن }.


الحديث الثاني :

عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كانت إحدانا على عهد رسول إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ، قلت : رواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث معاذة بنت عبد الله العدوية ، قالت : سألت عائشة رضي الله عنها ، ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ قلت : لست بحرورية : ولكني أسأل ، قالت : كان يصيبنا ذلك ، فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة انتهى .

وفي بعض ألفاظهم : لقد كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من كرره في الصوم . الحديث الثالث : قال النبي : صلى الله عليه وسلم : " { إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" قلت : [ ص: 277 ] روي من حديث عائشة . ومن حديث أم سلمة ، فحديث عائشة أخرجه أبو داود عن أفلت عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة ، قالت : { جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة ، فخرج إليهم ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب }" انتهى .

وهو حديث حسن ، قال ابن القطان في " كتابه " : قال أبو محمد عبد الحق في حديث جسرة هذا : إنه لا يثبت من قبل إسناده ، ولم يبين ضعفه ، ولست أقول : إنه حديث صحيح ، وإنما أقول : إنه حسن ، فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد ثنا أفلت بن خليفة حدثتني جسرة بنت دجاجة عن عائشة ، وعبد الواحد ثقة لم يذكر بقادح ، وعبد الحق احتج به في غير موضع من " كتابه " ، وأفلت ، ويقال : فليت بن خليفة العامري ، قال ابن حنبل : ما أرى به بأسا ، وقال فيه أبو حاتم : شيخ ، وأما جسرة بنت دجاجة ، فقال فيها الكوفي : تابعية ، وقول البخاري في " تاريخه الكبير " : عندها عجائب . لا يكفي في إسقاط ما روت روى عنها أفلت ، وقدامة بن عبد الله بن عبدة العامري انتهى كلامه .

وذكر ابن حبان جسرة في " كتاب الثقات " وقال : روى [ عنها ] أفلت أبو حسان ، وقدامة العامري انتهى .

وقال الخطابي : وقد ضعفوا هذا الحديث . وقالوا : إن أفلت راويه مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه ، قال المنذري في " مختصره " : وفيما قاله نظر ، فإن أفلت بن خليفة ، ويقال : فليت العامري ، ويقال : الذهلي كنيته أبو حسان ، حديثه في الكوفيين ، روى عنه سفيان الثوري ، وعبد الواحد بن زياد . وقال أحمد بن حنبل : ما أرى به بأسا ، وسئل عنه أبو حاتم الرازي ، فقال : شيخ ، وحكى البخاري أنه سمع من جسرة بنت دجاجة ، قال : وعند جسرة عجائب انتهى .

قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : رأيت في " كتاب الوهم والإيهام " لابن القطان المقروء عليه دجاجة " بكسر الدال " وعليها صح ، وكتب الناسخ في " الحاشية " بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج انتهى كلامه . وأما حديث أم سلمة .

فرواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة .

[ ص: 278 ] ومحمد بن يحيى قالا : ثنا أبو نعيم ثنا ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة ، قالت : أخبرتني أم سلمة ، قالت : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته : إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض }انتهى .

ورواه الطبراني في " معجمه " قال ابن أبي حاتم في " علله " : سمعت أبا زرعة يذكر حديثا به عن أبي نعيم عن ابن أبي غنية عن أبي الخطاب عن محدوج الذهلي عن جسرة ، قالت : أخبرتني أم سلمة ، فذكره ، فقال : يقولون : عن جسرة عن أم سلمة ، والصحيح عن جسرة عن عائشة انتهى كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية