نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 278 ] ( وليس للحائض والجنب والنفساء قراءة القرآن ) لقوله صلى الله عليه وسلم : " { لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن }" وهو حجة على مالك رحمه الله في الحائض ، وهو بإطلاقه يتناول ما دون الآية ، فيكون حجة على الطحاوي في إباحته .


الحديث الرابع : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " { لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن }" ، قلت : روي من حديث ابن عمر . ومن حديث جابر . أما حديث ابن عمر ، فأخرجه الترمذي . وابن ماجه عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن }" انتهى .

قال الترمذي : لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه انتهى ، ورواه البيهقي في " سننه " وقال : قال البخاري فيما بلغني عنه : إنما روى هذا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ، ولا أعرفه من حديث غيره ، وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز ، وأهل العراق ، ثم قال : وقد روي عن غيره عن موسى بن عقبة ، وليس بصحيح انتهى .

وقال في " المعرفة " : هذا حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش ، وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها ، قاله أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهما من الحفاظ . وقد روي هذا عن غيره ، وهو ضعيف ، انتهى .

وقال ابن أبي حاتم في " علله " سمعت أبي ، وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا ، فقال : خطأ ، إنما هو من قول ابن عمر انتهى .

وقال ابن عدي في " الكامل " : هذا الحديث بهذا السند لا يرويه غير إسماعيل بن عياش ، [ ص: 279 ] وضعفه أحمد ، والبخاري ، وغيرهما ، وصوب أبو حاتم وقفه على ابن عمر انتهى وله طريقان آخران عند الدارقطني . أحدهما : عن المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به . والثاني : عن محمد بن إسماعيل الحساني عن رجل عن أبي معشر عن موسى بن عقبة به . وهذا مع أن فيه رجلا مجهولا .

فأبو معشر رجل مستضعف إلا أنه يتابع عليه .

وأما حديث جابر فرواه الدارقطني في " سننه " في " آخر الصلاة " من حديث محمد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر مرفوعا نحوه . ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بمحمد بن الفضل ، وأغلظ في تضعيفه عن البخاري ، والنسائي ، وأحمد . وابن معين . ووافقهم حديث يمكن أن يستدل به الطحاوي في إباحة ما دون الآية للجنب ، ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن السمط عن أبي الغريف الهمداني ، قال : أتي علي بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وغسل يديه ثلاثا ، وذراعيه ثلاثا ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجليه . ثم قال : { هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ } ، ثم قرأ شيئا من القرآن ، ثم قال : " هذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ، ولا آية " انتهى .

ولكن الدارقطني رواه في " سننه " موقوفا بغير هذا اللفظ ، فأخرجه عن عامر بن السمط ثنا أبو الغريف الهمداني ، قال : كنا مع علي رضي الله عنه في الرحبة ، فخرج إلى أقصى الرحبة . فوالله ما أدري أبولا أحدث أم غائطا ، ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ، ثم قبضهما إليه ، ثم قرأ صدرا من القرآن ، ثم قال : " اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة ، فإن أصابه فلا ولا حرفا واحدا " انتهى . قال الدارقطني : هو صحيح عن علي انتهى .

{ حديث آخر } : في منع القراءة للجنب ، رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث [ ص: 280 ] عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه أو لا يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة }انتهى .

قال الترمذي : حديث حسن صحيح . ورواه ابن حبان في " صحيحه " . والحاكم في " المستدرك " وصححه قال : ولم يحتجا بعبد الله بن سلمة ، ومدار الحديث عليه انتهى .

قال النووي في " الخلاصة " : قال الشافعي : أهل الحديث لا يثبتونه ، قال البيهقي : لأن مداره على عبد الله بن سلمة " بكسر اللام " وكان قد كبر ، وأنكر حديثه وعقله ، وإنما روى هذا بعد كبره ، قاله شعبة انتهى كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية