نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ، وكذا لا تجب على المسلم [ ص: 569 ] نفقة أخيه النصراني ) ; لأن النفقة متعلقة بالإرث بالنص ، بخلاف العتق عند الملك ; لأنه متعلق بالقرابة والمحرمية بالحديث ، ولأن القرابة موجبة للصلة ، ومع الاتفاق في الدين آكد ، ودوام ملك اليمين أعلى في القطيعة من حرمان النفقة فاعتبرنا في الأعلى أصل العلة ، وفي الأدنى العلة المؤكدة فلهذا افترقا ( ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد ) ; لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص ولا تأويل لهما في مال غيره ولأنه أقرب الناس إليهما ، فكان أولى باستحقاق نفقتهما عليه ، وهي على الذكور والإناث بالسوية في ظاهر الرواية وهو الصحيح ; لأن المعنى يشملهما .


قوله : ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ، ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني ، لأن النفقة متعلقة بالإرث بالنص ، بخلاف العتق عند الملك ، لأنه متعلق بالقرابة ، والمحرمية بالحديث ; قلت : يشير بالنص إلى قوله تعالى: { وعلى الوارث مثل ذلك } ، ويشير [ ص: 569 ] بالحديث إلى قوله عليه السلام : { من ملك ذا رحم منه عتق عليه } ، وسيأتي قريبا في " العتق " إن شاء الله تعالى . قوله : ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد ، لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص ; قلت : يشير إلى حديث : { أنت ومالك لأبيك } ، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة ، وسيأتي في " باب الوطء الذي يوجب الحد " إن شاء الله تعالى ، وفي الباب حديث عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه } ، رواه أصحاب " السنن الأربعة " ، وحسنه الترمذي ; ورواه البيهقي من حديث الأسود عن عائشة مرفوعا : { إن أولادكم هبة الله لكم ، { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } ، وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ، }انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك في سورة البقرة " ; وقال : حديث [ ص: 570 ] صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، إنما اتفقا على حديث عائشة : { أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه }انتهى .

وهذا وهم ، فإن الشيخين لم يروياه ، ولا أحدهما ; وأخرج أبو داود في " البيوع " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ، نحوه ; ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا عفان ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب به .

التالي السابق


الخدمات العلمية