نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل

( وعلى المولى أن ينفق على أمته وعبده ) { لقوله عليه الصلاة والسلام في المماليك : إنهم إخوانكم جعلهم الله تعالى تحت أيديكم أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تعذبوا عباد الله }( فإن امتنع وكان لهما كسب اكتسبا وأنفقا ) ; لأن فيه نظرا للجانبين ، حتى يبقى المملوك حيفا ويبقى فيه ملك المالك ( وإن لم يكن لهما كسب ) بأن كان عبدا زمنا أو جارية لا يؤاجر مثلها ( أجبر المولى على بيعها ) ; لأنهما من أهل الاستحقاق ، وفي البيع إيفاء حقهما وإيفاء حق المولى بالخلف بخلاف نفقة الزوجة ; لأنها تصير دينا ، فكان تأخيرا [ ص: 573 ] على ما ذكرنا ونفقة المملوك لا تصير دينا فكان إبطالا ، وبخلاف سائر الحيوانات ; لأنها ليست من أهل الاستحقاق فلا يجبر على نفقتها إلا أنه يؤمر به فيما بينه وبين الله تعالى ، ; لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن تعذيب الحيوان وفيه ذلك ، ونهى عن إضاعة المال وفيه إضاعته وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يجبر ، والأصح ما قلنا والله أعلم .


[ ص: 571 - 572 ] الحديث الخامس : { قال عليه السلام في المماليك : إنهم إخوانكم ، جعلهم الله تعالى تحت أيديكم ، أطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، ولا تعذبوا عباد الله }; قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن { المعرور بن سويد ، قال : مررت بأبي ذر بالربذة ، وعليه برد ، وعلى غلامه برد مثله ; فقلت : يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة ، فقال : إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام ، وكانت أمه أعجمية ، فعيرته بأمه ، فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم ، فأعينوهم } ، انتهى .

ذكره البخاري في " العتق والأيمان " ، ومسلم في " الأيمان والنذور " ، ورواه أبو داود في " الأدب " وزاد : { ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه ، ولا تعذبوا خلق الله ، } [ ص: 573 ] انتهى .

وسنده : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن المعرور بن سويد به .

الحديث السادس : روي { أنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان }; قلت : تقدم في الحديث الذي قبله ، عند أبي داود بسند صحيح : { ولا تعذبوا خلق الله } ، عن المعرور بن سويد .

الحديث السابع : { ونهى عليه السلام عن إضاعة المال }; قلت : أخرجه البخاري في " الاستقراض " ، ومسلم في " القضاء " عن وراد مولى المغيرة بن شعبة عن { المغيرة بن شعبة ، قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله حرم عليكم ثلاثا : عقوق الأمهات ، ووأد البنات ، ومنع وهات ، وكره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال }انتهى .

{ حديث آخر } : رواه مالك في " الموطأ " عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، ويسخط لكم : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ، }انتهى .

وهو مرسل ; وأخرجه مسلم عن جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء ; ولفظه : ويكره لكم ، عوض : يسخط ، أخرجه أيضا في " القضاء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية