نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 294 - 296 ] باب الأنجاس وتطهيرها

( تطهير النجاسة واجب من بدن المصلي وثوبه والمكان الذي يصلي عليه ) : { وثيابك فطهر }وقال عليه الصلاة والسلام : " { حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء ، ولا يضرك أثره }وإذا وجب التطهير بما ذكرنا في الثوب وجب في البدن والمكان ، فإن الاستعمال في حالة الصلاة يشمل الكل .

( ويجوز تطهيرها بالماء ، وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به كالخل وماء الورد ، ونحوه مما إذا عصر انعصر ) وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، وقال محمد وزفر والشافعي رحمهم الله: لا يجوز إلا بالماء ، لأنه يتنجس بأول الملاقاة ، والنجس لا يفيد الطهارة ، إلا أن هذا القياس ترك في الماء للضروة .

ولهما أن المائع قالع ، والطهورية بعلة القلع والإزالة ، والنجاسة للمجاورة ، فإذا انتهت أجزاء النجاسة يبقى طاهرا . [ ص: 297 ] وجواب الكتاب لا يفرق بين الثوب والبدن ، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله ، وعنه أنه فرق بينهما فلم يجوز في البدن بغير الماء .


باب الأنجاس

الحديث الأول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { حتيه ، ثم اقرصيه ، ثم اغسليه بالماء }قلت : [ ص: 297 ] غريب بهذا اللفظ .

وروى الأئمة الستة في " كتبهم " واللفظ لمسلم من حديث هشام بن عروة عن امرأته فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن جدته أسماء بنت أبي بكر ، قالت : { جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به ؟ قال : تحته ، ثم تقرصه بالماء ، ثم تنضحه ، ثم تصلي فيه }انتهى .

وفي رواية لأبي داود : { حتيه ، ثم اقرصيه بالماء ، ثم انضحيه } ، وفي رواية له : " { فإن رأت فيه دما فلتقرصه بشيء من ماء ، ولتنضح ما لم تر ، وتصلي فيه } ، ورواه ابن أبي شيبة ، وفيه قال : " { اقرصيه بالماء واغسليه وصلي فيه } ، ورواه الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود في " كتاب المنتقى " حدثنا محمود بن آدم ثنا سفيان عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء أن { امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه نجاسة ، فقال : حتيه واقرصيه ورشيه بالماء }انتهى .

والمصنف إنما استدل بهذا الحديث على وجوب الطهارة من الثياب ، والبيهقي في " سننه " استدل به على أصحابنا في " وجوب الطهارة بالماء دون غيره من المائعات " وهو مفهوم لقب لا يقول به إمامه ، واستدل لنا على ذلك بحديث عمار " إنما يغسل الثوب من خمس " وسيأتي الكلام عليه قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية