نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 144 ] ( ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد ) وعند الشافعي رحمه الله يحد ، لأنه التزم بإسلامه أحكامه أينما كان مقامه .

ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : " { لا تقام الحدود في دار الحرب } ، ولأن المقصود هو الانزجار وولاية الإمام منقطعة فيهما فيعرى الوجوب عن الفائدة ، ولا تقام بعدما خرج ; لأنها لم تنعقد موجبة فلا تنقلب موجبة ، ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره ; لأنه تحت يده بخلاف أمير العسكر والسرية لأنه لم تفوض إليهما الإقامة .


الحديث الخامس : قال عليه السلام : { لا تقام الحدود في دار الحرب }قلت : غريب وأخرج البيهقي عن الشافعي ، قال : قال أبو يوسف : حدثنا بعض أشياخنا عن مكحول [ ص: 145 ] عن زيد بن ثابت ، قال : لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو ، قال : وحدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري ، وإلى عماله أن لا يقيموا حدا على أحد من المسلمين في أرض الحرب ، حتى يخرجوا إلى الأرض المصالحة ، قال الشافعي : ومن هذا الشيخ ؟ ومكحول لم ير زيد بن ثابت انتهى .

وهذا الأخير رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حكيم بن عمير به ، وزاد : لئلا تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار انتهى .

أثر آخر :

رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن حميد بن فلان بن رومان ، أن أبا الدرداء نهى أن يقام على أحد حد في أرض العدو ، انتهى .

[ ص: 146 ] حديث مرفوع : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن بسر بن أرطاة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا تقطع الأيدي في السفر }انتهى .

ولفظ الترمذي : في الغزو ، قال الترمذي : حديث غريب ، والعمل عليه عند بعض أهل العلم ، منهم الأوزاعي يرون أن لا يقام الحد في الغزو بحضرة العدو ، ومخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو ، فإذا رجع الإمام إلى دار الإسلام أقام عليه الحد انتهى .

وبسر بن أرطاة ، ويقال .

ابن أبي أرطاة اختلف في صحبته ، قال البيهقي في " المعرفة " : أهل المدينة ينكرون سماع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يحيى بن معين يقول : بسر بن أبي أرطاة [ ص: 147 ] رجل سوء ، قال البيهقي : وذلك لما اشتهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة انتهى .

وقال ابن سعد في " الطبقات " : قال الواقدي : بسر بن أبي أرطاة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا ، ولم يسمع منه شيئا ، وقال غيره : إنه سمع منه ، انتهى .

واستدل البيهقي للشافعي في إقامة الحدود بدار الحرب بإطلاق الآيات الواردة في حد الزاني ، وقطع السارق .

وجلد القاذف ، وبما أخرجه أبو داود في " المراسيل " عن مكحول عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أقيموا حدود الله في السفر والحضر ، على القريب والبعيد ، ولا تبالوا [ ص: 148 ] في الله لومة لائم } ، ورويناه بإسناد موصول في " السنن " انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية