نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 163 ] ( وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا ) لإجماع الصحابة رضي الله عنهم ( يفرق على بدنه كما في حد الزنا على ما مر ) ثم يجرد في المشهور من الرواية : وعن محمد رحمه الله أنه لا يجرد إظهارا للتخفيف ; لأنه لم يرد به نص .

ووجه المشهور أنا أظهرنا التخفيف مرة فلا يعتبر ثانيا ( وإن كان عبدا فحده أربعون سوطا ) لأن الرق منصف على ما عرف


قوله : وحد الخمر والسكر ثمانون سوطا في الحر ، لإجماع الصحابة قلت : فيه أحاديث ، فروى البخاري في " صحيحه " من حديث السائب بن يزيد ، قال : { كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر ، وصدرا من خلافة عمر ، فنقوم إليه بأيدينا ، ونعالنا ، وأرديتنا ، حتى كان آخر إمرة عمر ، فجلد أربعين ، حتى إذ عتوا وفسقوا ، [ ص: 164 ] جلد ثمانين } ، انتهى .

حديث آخر :

أخرجه مسلم عن أنس بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد ، والنعال ، ثم جلد أبو بكر أربعين ، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى ، قال : ما ترون في جلد الخمر ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن تجعله كأخف الحدود ، قال : فجلد عمر ثمانين }انتهى .

هكذا وقع في " مسلم " عن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار على عمر بالثمانين ، ووقع في " الموطإ " ، وغيره أن الذي أشار على عمر هو علي بن أبي طالب ، رواه مالك في " الموطإ " عن ثور بن زيد الديلي عن عمر بن الخطاب أنه استشار في الخمر يشربها الرجل ، فقال له علي بن أبي طالب : نرى أن نجلده ثمانين ، فإنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون ، فاجعله حد الفرية ، فجلد عمر في الخمر ثمانين انتهى .

وعن مالك رواه الشافعي في " مسنده " ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في " المعرفة " .

طريق آخر :

أخرجه الحاكم في " المستدرك " ، وصححه عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن ابن عباس { أن الشراب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال ، والعصي حتى توفي ، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي ، إلى أن قال : فقال عمر : ماذا ترون ؟ فقال علي رضي الله عنه : إنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون جلدة ، فأمر به عمر فجلد ثمانين }انتهى .

[ ص: 165 ] وكذلك أخرجه الدارقطني في " سننه " .

طريق آخر :

رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شاور الناس في جلد الخمر ، وقال : إن الناس قد شربوها واجترءوا عليها ، فقال له علي : إن السكران إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فاجعله حد الفرية ، فجعله عمر حد الفرية ثمانين ، انتهى .

الأحاديث الواردة في الثمانين :

روى أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثني هشام بن يوسف أخبرني عبد الرحمن بن صخر الأفريقي عن جميل بن كريب عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من شرب بسقة خمر ، فاجلدوه ثمانين }" انتهى .

وأشار إليه بالتضعيف صاحب " التنقيح " ، فقال : وروي بإسناد غريب لا يثبت عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : { من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين } ، انتهى .

{ حديث آخر } :

رواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا أحمد بن رشدين ثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني ثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر ثمانين }انتهى .

وقال : لا يروى هذا الحديث إلا بهذا الإسناد .

{ حديث آخر } :

مرسل رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن عوف عن الحسن { أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر ثمانين } ، انتهى .

قال في " التنقيح " : وأما ما ورد في " مسلم " عن أنس قال : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو الأربعين ، وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون ، فأمر به عمر } ، فهذا لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم حدا ، وإلا لما تجاوزته [ ص: 166 ] الصحابة ، وإنما فعله زجرا وعقوبة ، فبلغ ضربه نحو الأربعين ، فلما فهمت الصحابة ذلك ألحقوه بأخف الحدود ، وقد أخرج البخاري ، ومسلم عن عمير بن سعيد عن علي ، قال : ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه ، فأجد منه في نفسي ، إلا صاحب الخمر ، لأنه إن مات وديته ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية