نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل في التعزير

( ومن قذف عبدا أو أمة أو أم ولد أو كافرا بالزنا عزر ) لأنه جناية قذف ، وقد امتنع وجوب الحد لعقد الإحصان فوجب التعزير ( وكذا إذا قذف مسلما بغير الزنا فقال : يا فاسق أو يا كافر أو يا خبيث أو يا سارق ) لأنه آذاه وألحق الشين به ولا مدخل للقياس في الحدود فوجب التعزير إلا أنه يبلغ بالتعزير غايته في الجناية الأولى ; لأنه من جنس ما يجب به الحد ، وفي الثانية الرأي إلى الإمام .

( ولو قال يا حمار أو يا خنزير لم يعزر ) لأنه ما ألحق الشين به للتيقن بنفيه ، وقيل : في عرفنا يعزر لأنه يعد شينا ، وقيل إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء والعلوية يعزر لأنه يلحقهم الوحشة بذلك ، وإن كان من العامة لا يعزر وهذا أحسن . والتعزير أكثره تسعة وثلاثون سوطا وأقله ثلاث جلدات ، وقال أبو يوسف رحمه الله يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطا .

والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين }" وإذا تعذر تبليغه حدا .

[ ص: 174 ] فأبو حنيفة ومحمد رحمه الله نظرا إلى أدنى الحد وهو حد العبد في القذف فصرفاه إليه وذلك أربعون سوطا فنقصا منه سوطا .

وأبو يوسف رحمه الله اعتبر أقل الحد في الأحرار إذ الأصل هو الحرية ، ثم نقص سوطا في رواية عنه ، وهو قول زفر رحمه الله وهو القياس .

وفي هذه الرواية نقص خمسة وهو مأثور عن علي رضي الله عنه فقلده ، ثم قدر الأدنى في الكتاب بثلاث جلدات ; لأن ما دونها لا يقع به الزجر .

وذكر مشايخنا رحمهم اللهأن أدناه على ما يراه الإمام ، فيقدر بقدر ما يعلم أنه ينزجر لأنه يختلف باختلاف الناس .

وعن أبي يوسف رحمه الله : أنه على قدر عظم الجرم وصغره .

وعنه أنه يقرب كل نوع من بابه فيقرب اللمس والقبلة من حد الزنا ، والقذف بغير الزنا من حد القذف .


[ ص: 173 ] فصل في التعزير .

الحديث الأول : قال عليه السلام : { من بلغ حدا في غير حد ، فهو من المعتدين }" [ ص: 174 ] قلت : أخرجه البيهقي عن خالد بن الوليد عن النعمان بن بشير ، وقال : المحفوظ مرسل ، وقال في " التنقيح " : ورواه ابن ناجية في " فوائده " حدثنا محمد بن حصين الأصبحي ثنا عمر بن علي المقدمي ثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من بلغ حدا }" ، الحديث ورواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " مرسلا ، فقال : أخبرنا مسعر بن كدام أخبرني الوليد بن عثمان عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من بلغ حدا }" ، الحديث .

قوله : وهو مأثور عن علي يعني بلوغ التعزير خمسة وسبعين سوطا قلت : غريب ، وذكره البغوي في " شرح السنة " عن ابن أبي ليلى .

[ ص: 175 ] أحاديث الخصوم :

أخرج البخاري ، ومسلم عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط ، إلا في حد من حدود الله تعالى }" انتهى .

وأخرج البخاري عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { لا عقوبة فوق عشرة أسواط ، إلا في حد من حدود الله }انتهى .

وروى الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا محمد بن إبراهيم العسال ثنا إبراهيم بن محمد الشامي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا تعزير فوق عشرة أسواط }" ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية