نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 184 ] باب ما يقطع فيه وما لا يقطع

( ولا قطع فيما يوجد تافها مباحا في دار الإسلام كالخشب والحشيش والقصب والسمك والطير والصيد والزرنيخ والمغرة والنورة ) والأصل فيه حديث عائشة رضي الله عنهاقالت : { كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام في الشيء التافه }: أي الحقير ، وما يوجد جنسه مباحا في الأصل بصورته غير مرغوب فيه حقيرا تقل الرغبات فيه والطباع لا تضن به ، فقلما يوجد أخذه على كره من الملك فلا حاجة إلى شرع الزاجر ولهذا لم يجب القطع في سرقة ما دون النصاب ولأن الحرز فيها ناقص ; ألا يرى أن الخشب يلقى على الأبواب ، وإنما يدخل في الدار للعمارة لا للإحراز والطير يطير والصيد يفر ، وكذا الشركة العامة التي كانت فيه وهو على تلك الصفة تورث الشبهة والحد يندرئ بها .

ويدخل في السمك المالح والطري .

وفي الطير [ ص: 185 ] الدجاج والبط والحمام لما ذكرنا ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام : { لا قطع في الطير }" وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يجب القطع في كل شيء إلا الطين والتراب والسرقين وهو قول الشافعي ، والحجة عليهما ما ذكرنا .


[ ص: 181 - 184 ] باب ما يقطع فيه وما لا يقطع الحديث الأول : روي عن عائشة ، قالت : { كانت اليد لا تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه }قلت .

رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه ومسنده " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ، قال : { لم تكن يد السارق تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه } ، وزاد في " مسنده " : { ولم تقطع في أدنى من ثمن حجفة أو ترس } ، انتهى .

ورواه مرسلا أيضا ، فقال : حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه ، قال : { كان السارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ثمن المجن ، ولم يكن يقطع في الشيء التافه }انتهى .

وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا ابن جريج عن هشام به مرسلا ، وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا عيسى بن يونس ثنا هشام به مرسلا ، ورواه ابن عدي في " الكامل " مسندا ، أخرجه عن عبد الله بن قبيصة الفزاري عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ، قالت : إن السارق .

إلى آخره باللفظ الثاني .

ولم يقل في عبد الله هذا شيئا ، إلا أنه قال : لم يتابع عليه ، ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما ، فذكرته لأبين أن في رواياته نظرا انتهى .

الحديث الثاني : قال عليه السلام : " { لا قطع في الطير }" قلت : غريب مرفوعا ، [ ص: 185 ] ورواه عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة في " مصنفيهما " موقوفا على عثمان ، قال الأول : حدثنا ابن المبارك ، وقال الثاني : حدثنا وكيع ، قالا : ثنا سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن عبد الله بن يسار ، قال : أتي عمر بن عبد العزيز في رجل سرق دجاجة ، فأراد أن يقطعه ، فقال له سلمة بن عبد الرحمن : قال عثمان : لا قطع في الطير انتهى .

وروى ابن أبي شيبة أيضا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد عن يزيد بن خصيفة ، قال : أتي عمر بن عبد العزيز برجل قد سرق طيرا ، فاستفتى في ذلك السائب بن يزيد ، فقال : ما رأيت أحدا قطع في الطير ، وما عليه في ذلك قطع . فتركه عمر

انتهى .

وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء أنه قال : ليس على سارق الحمام قطع ، قال البيهقي : أراد الطير والحمام المرسلة في غير حرز ، قال شيخنا علاء الدين : ظنه الحمام بالتخفيف وإنما هو الحمام بالتشديد انتهى .

قلت : بوب عليه ابن أبي شيبة في مصنفه " باب الرجل يدخل الحمام ، فيسرق " حدثنا زيد بن الحباب أخبرني معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء أنه سئل عن سارق الحمام ، قال : لا قطع عليه ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن بلال بن سعد أن رجلا دخل الحمام ، وترك برنسا له ، فجاء رجل فسرقه ، فوجده صاحبه ، فجاء به إلى أبي الدرداء ، إلى آخره .

التالي السابق


الخدمات العلمية