نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 303 ] ( وإن ) ( أصابت الأرض نجاسة فجفت بالشمس وذهب أثرها جازت الصلاة على مكانها ) وقال زفر والشافعي رحمهما الله: لا تجوز ; لأنه لم يوجد المزيل ( و ) لهذا ( لا يجوز التيمم به ) ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " { زكاة الأرض يبسها }وإنما لا يجوز التيمم به ; لأن طهارة الصعيد ثبتت شرطا بنص الكتاب ، فلا تتأدى بما ثبت بالحديث .


الحديث الخامس : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { زكاة الأرض يبسها } [ ص: 304 ] قلت : غريب . وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن أبي جعفر محمد بن علي ، قال : زكاة الأرض يبسها . وأخرج عن ابن الحنفية وأبي قلابة ، قال : إذا جفت الأرض فقد زكت وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة ، قال : جفوف الأرض طهورها انتهى .

وقد يستدل الخصم بما أخرجه مسلم عن { أنس ، قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال عليه السلام : لا تزرموه فتركوه حتى بال ، ثم أمر رجلا فدعا بدلو من ماء فشنه عليه }مختصر ، وورد فيه : " الحفر " من طريقين مسندين ، وطريقين مرسلين : فالمسندان : أحدهما : عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد الله ، قال : { جاء أعرابي فبال في المسجد ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر وصب عليه دلوا من ماء }انتهى .

وذكر ابن أبي حاتم في " علله " أنه سمع أبا زرعة يقول : في هذا الحديث : إنه منكر ليس بالقوي انتهى . أخرجه الدارقطني في " سننه " .

الثاني : أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس أن { أعرابيا بال في المسجد ، فقال عليه السلام : احفروا [ ص: 305 ] مكانه ، ثم صبوا عليه ذنوبا من ماء } ، قال الدارقطني : وهم عبد الجبار على ابن عيينة ; لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد بدون " الحفر " ، وإنما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن دينار عن طاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : احفروا مكانه ، مرسلا انتهى .

وأما المرسلان : فأحدهما : هذا الذي أشار إليه الدارقطني ، رواه عبد الرزاق في " مصنفه " . والثاني : رواه أبو داود في " سننه " عن عبد الله بن معقل قال : صلى أعرابي ، فذكر القصة ، وفي آخره ، فقال عليه السلام : " خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه ، وأهريقوا على مكانه ماء " قال أبو داود : هذا مرسل ، فإن ابن معقل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية