نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية ، وهو ربع الرأس ) [ ص: 50 ] لما روى المغيرة بن شعبة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال وتوضأ ومسح على ناصيته وخفيه }والكتاب مجمل ، فالتحق بيانا به ، وهو حجة على الشافعي في التقدير بثلاث شعرات ، وعلى مالك في اشتراط الاستيعاب ، وفي بعض الروايات قدره بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى بثلاث أصابع من أصابع اليد ; لأنها أكثر ما هو الأصل في آلة المسح . [ ص: 51 ]


[ ص: 49 ] بسم الله الرحمن الرحيموبه نستعين ، وصلى الله على سيدنا محمد . وآله وصحبه وسلم .

كتاب الطهارات الحديث الأول : روى المغيرة بن شعبة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم ، فبال قائما وتوضأ ، ومسح على ناصيته وخفيه } ، قلت : هذا حديث مركب من حديثين ، رواهما المغيرة بن شعبة ، جعلهما المصنف حديثا واحدا ، فحديث المسح على الناصية والخفين . أخرجه مسلم عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، ومسح بناصيته ، وعلى العمامة ، وعلى الخفين }انتهى .

ورواه الطبراني في " معجمه " بهذا الإسناد ، ولم يذكر فيه العمامة ، ووهم ابن الجوزي في " كتاب التحقيق " فعزا هذا [ ص: 50 ] الحديث إلى الصحيحين ، وليس كذلك ، بل انفرد به مسلم . وتعقبه عليه صاحب " التنقيح " .

وروى أبو داود في " سننه " من حديث أبي معقل عن { أنس ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، وعليه عمامة قطرية ، فأدخل يده من تحت العمامة ، فمسح مقدم رأسه ، ولم ينقض العمامة }. انتهى .

وسكت عنه أبو داود . ثم المنذري في " مختصره " ، ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وسكت عنه ، ثم قال : وهذا الحديث ، وإن لم يكن إسناده على شرط الكتاب ، فإن فيه لفظة غريبة ، وهي : أنه مسح بعض رأسه ، ولم ينقض العمامة انتهى .

وحديث السباطة . والبول قائما ، رواه ابن ماجه في " سننه "

حدثنا إسحاق بن منصور ثنا أبو داود ثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما }. قال شعبة : قال عاصم : يومئذ ، وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة ، وما حفظه ، فسألت عنه منصورا ، فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة . انتهى .

وحديث حذيفة هذا أخرجه البخاري ، ومسلم عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم ، فبال قائما ، ثم دعا بماء فجئته به ، ثم توضأ ، زاد مسلم : ومسح على خفيه انتهى .

ووقع لشيخنا العلامة علاء الدين في هذا الحديث وهم من وجهين :

أحدهما : أنه قال في حديث حذيفة بعد أن حكاه بلفظ البخاري . وزيادة مسلم : أخرجاه ، وقد بينا أن مسلما انفرد فيه بالمسح على الخفين ، وقد صرح بذلك عبد الحق في " الجمع بين الصحيحين " فقال : لم يذكر البخاري فيه : المسح على الخفين .

الوهم الثاني : أنه جعل حديث الكتاب مركبا من حديث المغيرة ، { أنه عليه السلام [ ص: 51 ] مسح بناصيته وخفيه }.

ومن حديث حذيفة ، في السباطة . والبول قائما . وهذا عجب منه ; لأن المصنف جعلهما من رواية المغيرة ، وقد بينا أن حديث السباطة ، والبول قائما أيضا . رواه المغيرة بن شعبة ، كما أخرجه عنه ابن ماجه ، وكان من الواجب أن يذكرهما من رواية المغيرة ليطابق عزو المصنف ، وهذا الوهم الثاني لم يستبد به الشيخ ، وإنما قلد فيه غيره ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية