نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 314 - 315 ] ( ولا يستنجي بعظم ولا بروث ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك ، ولو فعل يجزيه لحصول المقصود ، ومعنى النهي في الروث النجاسة وفي العظم كونه زاد الجن . ( ولا ) يستنجى ( بطعام ) لأنه إضاعة وإسراف .


{ الحديث العاشر } : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الاستنجاء بالعظم والروث ، قلت : فيه أحاديث ، فروى البخاري في " بدء الخلق " من حديث أبي هريرة ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : { ابغني أحجارا أستنفض بها ، ولا تأتني بعظم ولا بروثة ، قلت : ما بال العظام والروثة ؟ قال : هما من طعام الجن }مختصر .

{ حديث آخر } : روى الجماعة إلا البخاري من حديث سلمان ، قال : { نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي برجيع أو عظم } ، وفي لفظ : ونهى عن الروث والعظام .

{ حديث آخر } : وروى مسلم من حديث علقمة عن ابن مسعود حديث الوضوء بالنبيذ ، وفيه : وسألوه الزاد ، فقال : { لكم كل عظم ولكم كل بعرة علف لدوابكم ، ثم قال : لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم }ورواه الترمذي ، ولفظه : قال : " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام ، فإنهما زاد إخوانكم من الجن " انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمسح بعظم أو بعر } ، انتهى .

واقتصر شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره على حديث عزاه الدارقطني عن أبي هريرة ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بعظم أو روث } ، وهذا ذهول فاحش ، فإنه في الكتب الستة ، فالمقلد ذهل ، والمقلد جهل ، واستدل ابن الجوزي في " التحقيق للشافعي " أن الاستنجاء لا يصح بالعظام والروث ، ويوجب إعادة الاستنجاء منهما بأحاديث النهي ، وليس فيها حجة ، إذ لا يلزم من النهي عدم [ ص: 316 ] الصحة ، وأحسن ما استدل على ذلك حديث أخرجه الدارقطني في " سننه " عن يعقوب بن كاسب عن سلمة بن رجاء عن الحسن بن الفرات عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة أن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بعظم أو روث ، وقال : إنهما لا يطهران }انتهى .

قال الدارقطني : إسناده صحيح ، ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بسلمة بن رجاء وقال : إن أحاديثه أفراد وغرائب ، وتحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها انتهى .

حديث في النهي عن الاستنجاء بالجلد : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن يستطيب أحدكم بعظم أو روثة أو جلد }انتهى .

قال الدارقطني : لا يصح ذكر الجلد انتهى . قال ابن القطان في " كتابه " وعلته الجهل بحال موسى بن أبي إسحاق ، قال : وذكره ابن أبي حاتم ، ولم يعرف من أمره بشيء ، فهو عنده مجهول ، وعبد الله بن عبد الرحمن أيضا مجهول ، قال : وهو أيضا مرسل ; لأنه عمن لم يسم ممن يذكر عن نفسه أنه رأى أو سمع ، وإن لم يشهد لأحدهم التابعي الراوي عنه بالصحبة انتهى كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية