نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 255 ] قال : ( وهو في ) ( الأسارى بالخيار إن شاء قتلهم ) لأنه عليه الصلاة والسلام قد قتل ولأن فيه حسم مادة الفساد ( وإن شاء استرقهم ) لأن فيه دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام ( وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين ) لما بيناه ( إلا مشركي العرب والمرتدين ) على ما نبين إن شاء الله تعالى .

( ولا يجوز أن يردهم إلى دار الحرب ) لأن فيه تقويتهم على المسلمين ، [ ص: 256 ] فإن أسلموا لا يقتلهم لاندفاع الشر بدونه ( وله أن يسترقهم ) توفيرا للمنفعة بعد انعقاد سبب الملك بخلاف إسلامهم قبل الأخذ لأنه لم ينعقد السبب بعد .


الحديث الثاني : روي { أنه عليه السلام قتل من الأسارى }قلت : في الباب أحاديث منها حديث ابن خطل : أخرجه البخاري ، ومسلم عن الزهري عن أنس بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح ، وعلى رأسه مغفر ، فلما نزعه جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : اقتلوه } ، زاد البخاري : قال مالك : ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله أعلم يومئذ محرما .

انتهى .

وحديث عطية القرظي : أخرجه أصحاب السنن " الأربعة " عن عبد الملك بن عمير عنه ، قال : كنت فيمن أخذ من سبي قريظة ، فكانوا يقتلون من أنبت ، ويتركون من لم ينبت ، فكنت فيمن ترك انتهى .

وينظر " أطراف الصحيح " .

[ ص: 256 ] حديث آخر } : روى البيهقي في " دلائل النبوة " أخبرنا أبو علي الروذباري ثنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ثنا ابن أبي مرة ثنا المقري ، ثنا الليث حدثني أبو الزبير عن جابر ، قال : { رمي سعد بن معاذ يوم الأحزاب ، فقطعوا أكحله ، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار ، فانتفخت يده ، فتركه ، فنزفه الدم ، فحسمه أخرى ، فانتفخت ، فلما رأى سعد ذلك ، قال : اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة ، فاستمسك عرقه ، فما قطر قطرة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأرسل إليه رسول الله ، فحكم أن يقتل رجالهم ، وتسبى نساؤهم ، وذراريهم يستعين بهم المسلمون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد : لقد أصبت حكم الله فيهم ، وكانوا أربعمائة ، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه ، فمات }انتهى .

وينظر " الأطراف " ، وأخرجه عن ابن إسحاق فذكر قصة قريظة ، إلى أن قال : { ثم استنزلوا يعني أسارى قريظة فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار زينب بنت الحارث امرأة من بني النجار ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بسوق المدينة ، فخندق فيه خندقا ، ثم بعث إليهم فكان يؤتى بهم أرسالا ، فتضرب أعناقهم في ذلك الخندق ، والمكثر لهم يقول : ما بين الثمانمائة والتسعمائة } ، الحديث بطوله .

{ حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن سعيد بن جبير { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرا : المطعم بن عدي ، والنضر بن الحارث . وعقبة بن أبي معيط }

ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " ، وقال : هكذا يقول هشيم : المطعم بن عدي وهو غلط ، وإنما هو طعيمة بن عدي ، وهو أخو المطعم ، وأهل [ ص: 257 ] المغازي ينكرون قتل مطعم بن عدي يومئذ ، ويقولون : مات بمكة قبل بدر ، والذي قتل يوم بدر أخو طعيمة ، ولم يقتل صبرا ، وإنما قتل في المعركة ، ويصدق هذا حديث الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبير بن مطعم حين كلمه في الأسارى : شيخ لو كان أتانا شفعناه يعني أباه مطعم بن عدي }فكيف يكون مقتولا يومئذ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ذلك انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية