نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 258 - 262 ] ( وإذا أراد الإمام العود ومعه مواش فلم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحها وحرقها ولا يعقرها ولا يتركها ) وقال الشافعي رحمه الله : يتركها لأنه عليه الصلاة والسلام { نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة }.

ولنا أن ذبح الحيوان يجوز لغرض صحيح ولا غرض أصح من كسر شوكة الأعداء ، ثم يحرق بالنار لينقطع منفعته عن الكفار وصار كتخريب البنيان .

[ ص: 263 ] بخلاف التحريق قبل الذبح لأنه منهي عنه ، وبخلاف العقر لأنه مثلة وتحرق الأسلحة أيضا وما لا يحترق منها يدفن في موضع لا يطلع عليه الكفار إبطالا للمنفعة عليهم .


الحديث الرابع : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة }قلت : غريب وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد ، قال : حدثت أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام ، فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان ، فقال : إني أوصيك بعشر : لا تقتلن صبيا ، ولا امرأة ، ولا كبيرا هرما ، ولا تقطعن شجرا مثمرا ، ولا تعقرن شاة ، ولا بقرة ، إلا لمأكلة ، ولا تخربن عامرا ، ولا تغرقن نخلا ، ولا تحرقنه ، ولا تجبن ، ولا تغلل انتهى .

وهو في " موطإ مالك في أول الجهاد " ، وقال أبو مصعب : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ، أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا ، إلى آخره . [ ص: 263 ] قوله : بخلاف التحريق ، قبل الذبح ، فإنه منهي عنه

قلت : فيه أحاديث : فأخرج البخاري عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة ، قال : { بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث ، فقال لنا : إن وجدتم فلانا وفلانا ، فأحرقوهما بالنار ، فلما خرجنا دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن وجدتم فلانا وفلانا ، فاقتلوهما ولا تحرقوهما ، فإنه لا يعذب بها إلا الله }انتهى .

ورواه البزار في " مسنده " ، { وسمى الرجلين ، فقال فيه : فقال : إن وجدتم هبار بن الأسود . ونافع بن عبد القيس ، فحرقوهما بالنار ، قال : وكانا قد نخسا بزينب ، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجت من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تزل ضنية حتى ماتت ، فلما خرجنا دعانا }

، الحديث وطوله البيهقي في " دلائل النبوة " ، وفيه : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب تريد أن تلحق بأبيها مختفية ، فأدركها هبار بن الأسود ، ونافع بن قيس الفهري ، فروعاها بالرمح ، وهي في هودجها حتى صرعاها ، وألقت ما في بطنها ، وأهريقت دما ، وكانت تحت أبي العاص } ، وكذلك ابن سعد في " الطبقات " طوله ، وقال فيه : { وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل أخوي هبار بن الأسود يوم بدر ، زمعة ، وعقيل ابني الأسود }.

{ حديث آخر } : أخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين أن عليا أتى بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم ، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تعذبوا بعذاب الله } ، ولقتلتهم ، لقوله عليه السلام : { من بدل دينه فاقتلوه }انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، قال : { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فانطلق لحاجته ، فرأى حمرة معها فرخان ، فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحمرة ، فجعلت تفرش ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من فجع هذه بولدها ، ردوه [ ص: 264 ] عليها ، ورأى قرية نمل قد حرقناها ، فقال : من حرق هذه ؟ قلنا : نحن ، قال : إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار } ، انتهى .

قال المنذري : ذكر البخاري ، وابن أبي حاتم أن عبد الرحمن بن عبد الله سمع من أبيه ، وصحح الترمذي حديثه عنه في " جامعه " .

{ حديث آخر } : أخرج البزار في " مسنده " عن عثمان بن حبان ، قال : { كنت عند أم الدرداء ، فأخذت برغوثا فألقته في النار ، فقال : سمعت أبا الدرداء يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يعذب بالنار إلا رب النار }انتهى .

وسكت عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية