نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا حق لأهل سوق العسكر في الغنيمة إلا أن يقاتلوا ) وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه : يسهم له ، لقوله عليه الصلاة والسلام { الغنيمة لمن شهد الوقعة }ولأنه وجد الجهاد معنى بتكثير السواد ولنا أنه لم توجد المجاوزة على قصد القتال فانعدم السبب الظاهر فيعتبر السبب الحقيقي وهو القتال ، فيفيد الاستحقاق على حسب حاله فارسا أو راجلا عند القتال ، وما رواه موقوف على عمر رضي الله عنه ، أو تأويله أن يشهدها على قصد القتال ( وإن لم تكن للإمام حمولة تحمل عليها الغنائم قسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحملوها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيقسمها ) قال العبد الضعيف : هكذا ذكر في المختصر ولم يشترط رضاهم ، وهو رواية السير الكبير ، والجملة في هذا أن الإمام إذا وجد في المغنم حمولة يحمل الغنائم عليها لأن الحمولة والمحمول ما لهم ، وكذا إذا كان في بيت المال فضل حمولة لأنه مال المسلمين ، ولو كان للغانمين أو لبعضهم لا يجبرهم في رواية السير الصغير ، لأنه ابتداء إجارة وصار كما إذا نفقت دابته في مفازة ومع رفيقه فضل حمولة ويجبرهم في رواية السير الكبير ، لأنه دفع الضرر العام بتحميل ضرر خاص


[ ص: 265 ] الحديث السادس : قال عليه السلام : { الغنيمة لمن شهد الوقعة } ، ثم قال المصنف : والمشهور وقفه على عمر قلت : غريب مرفوعا ، وهو موقوف على عمر ، كما قال المصنف : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند ، فأمدهم أهل الكوفة ، وعليهم عمار بن ياسر ، فظهروا ، فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة ، فقال رجل من بني تميم : أيها العبد الأجدع ، تريد أن تشاركنا في غنائمنا ؟ وكانت أذنه جدعت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : خير أذني سببت ، ثم كتب إلى عمر ، فكتب عمر : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة انتهى .

ورواه الطبراني في " معجمه " ، والبيهقي في " سننه " ، وقال : هو [ ص: 266 ] الصحيح من قول عمر ، انتهى .

وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن بختري بن مختار العبدي عن عبد الرحمن بن مسعود عن علي قال : الغنيمة لمن شهد الوقعة انتهى .

قال ابن عدي : وبختري هذا لا أعلم له حديثا منكرا انتهى .

أحاديث القسمة لمن غاب عن الوقعة : لمذهبنا حديث أبي موسى في " الصحيحين " عن أبي بردة عنه قال : { بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن ، فخرجنا مهاجرين إليه ، أنا وأخوان لي ، أنا أصغرهم : أحدهما أبو بردة ، والآخر أبو رهم ، في بضع وخمسين رجلا من قومي ، فركبنا سفينة ، فألقتنا إلى النجاشي بالحبشة ، فوافقنا جعفر بن أبي طالب ، وأصحابه عنده ، فقال جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هاهنا ، وأمرنا بالإقامة ، فأقيموا معنا ، فأقمنا حتى قدمنا ، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر ، فأسهم لنا ، ولم يسهم لأحد غاب عن فتح خيبر ، إلا أصحاب سفينتنا } ، مختصر .

وحمله بعض الشافعية على أنهم شهدوا قبل حوز الغنائم ، وقال ابن حبان في " صحيحه " : { إنما أعطاهم من خمس خمسه عليه السلام ليستميل به قلوبهم ، ولم يعطهم من الغنيمة ، لأنهم لم يشهدوا فتحه }انتهى .

حديث الخصم : وللشافعية ما أخرجه البخاري ، عن أبي هريرة قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبانا على سرية من المدينة قبل نجد ، فقدم أبان ، وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، بعدما افتتحها ، إلى أن قال : فلم يقسم لهم } ، مختصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية