نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم : سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم ) وقال الشافعي رحمه الله : لهم خمس الخمس يستوي فيه غنيهم [ ص: 287 ] وفقيرهم ، ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم ، لقوله تعالى: { ولذي القربى }من غير فصل بين الغني والفقير .

[ ص: 288 - 289 ] ولنا : أن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلناه وكفى بهم قدوة ، وقال عليه الصلاة والسلام : { يا معشر [ ص: 290 ] بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس }والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض ، وهم الفقراء والنبي عليه الصلاة والسلام أعطاهم للنصرة ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام علل فقال : { إنهم لم يزالوا معي هكذا في الجاهلية والإسلام وشبك بين أصابعه }دل على أن المراد من النص قرب النصرة لا قرب القرابة .


قوله : روي أن الخلفاء الأربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم ، سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل قلت : روى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة أسهم : لله والرسول سهم ولذي القربى واليتامى سهم ، وللمساكين سهم ، ولابن السبيل سهم ، ثم قسم أبو بكر وعمر ، وعثمان ، وعلي على ثلاثة أسهم : سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل انتهى .

وتقدم في " فصل كيفية القسمة " عن قتادة أن الخمس كان يقسم على خمسة أخماس .

وعن ابن عباس ، أنه كان يقسم على أربعة .

الحديث التاسع عشر : قال عليه السلام : { يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره [ ص: 290 ] لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس }قلت : غريب وقد تقدم في " الزكاة " .

وروى الطبراني في " معجمه " حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : انطلقا إلى عمكما لعله يستعين بكما على الصدقات ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه بحاجتهما ، فقال لهما : لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء ، ولا غسالة الأيدي ، إن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم ، أو يكفيكم }انتهى .

ورواه ابن أبي حاتم في " تفسيره في سورة الأنفال " حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا المعتمر بن سليمان به بلفظ : { رغبت لكم عن غسالة أيدي الناس ، إن لكم من خمس الخمس لما يغنيكم }انتهى .

وهذا إسناد حسن ، وإبراهيم بن مهدي وثقه أبو حاتم ، وقال يحيى بن معين : يأتي بمناكير ، وروى الطبري في " تفسيره " حدثنا ابن وكيع ثنا أبي عن شريك عن خصيف عن مجاهد ، قال : { كان آل محمد عليه السلام لا تحل لهم الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس } ، وفي لفظ : قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته لا يأكلون الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

الحديث العشرون : قال عليه السلام : { إنهم لم يزالوا معي في الجاهلية والإسلام ، وشبك بين أصابعه }قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم ، قال : { لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم ، وبني المطلب جئت أنا ، وعثمان ، فقلنا : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم ، لا ننكر فضلهم ، لمكانك منهم ، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم ، وتركتنا ، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة ، فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم ، وبنو المطلب شيء واحد ، ثم شبك بين أصابعه } ، [ ص: 291 ] انتهى .

ذكره أبو داود في " الخراج " ، والنسائي في " قسم الفيء " ، وابن ماجه في " الجهاد " والحديث في " البخاري " ليس فيه : وشبك بين أصابعه أخرجه في " الخمس " وفي مناقب قريش ، وفي غزوة خيبر خرجه في " غزوة خيبر " عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب { أن جبير بن مطعم أخبره ، قال : مشيت أنا ، وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ، ونحن بمنزلة واحدة منك ، فقال : إنما بنو هاشم ، وبنو المطلب شيء واحد ، قال جبير : ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ، وبني نوفل شيئا } ، وزاد في الخمس ، قال ابن إسحاق : { وعبد شمس ، وهاشم ، والمطلب إخوة لأم ، وأمهم عاتكة بنت مرة ، وكان نوفل أخاهم لأبيهم }انتهى .

وينظر الموضعان الآخران ورواه بسند السنن ومتنها أحمد ، وإسحاق بن راهويه ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " ، قال البزار : وقد رواه هكذا عن الزهري عن سعيد غير واحد ، وهو الصواب ، وقد روي عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه ، وحديث سعيد أصح ، ولا يحفظ هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية جبير بن مطعم انتهى .

ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، والطبراني في " معجمه " ، ورواه الحاكم في كتابه " مناقب الشافعي " عن ابن إسحاق به ، ثم قال : ورواه عقيل بن خالد ، ويونس بن يزيد عن الزهري ، وحديث يونس أخرجاه في " الصحيحين " قال : وقد روي عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، ثم أخرجه من طريق الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، فذكره ، قال الشافعي : فذكرت لمطرف بن مازن أن يونس ، وابن إسحاق رويا حديث الزهري عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم ، فقال هكذا حدثناه معمر ، كما وصفت لك ، ولعل الزهري رواه عنهما جميعا انتهى .

قلت : رواه الواقدي في " المغازي في غزوة خيبر " حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم ، فذكره .

وعن الحاكم رواه البيهقي في " أول كتاب المدخل " بسنده ، ثم قال : رواه البخاري في " كتاب القسم " من حديث عقيل ويونس بن يزيد عن الزهري ، كما نقلناه ، وهذا وهم منهما ، فإن قوله فيه : { إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وشبك بين أصابعه } ، ليس [ ص: 292 ] في " البخاري " ، إلا أن يريد أصل الحديث ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية