نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 315 ] باب العشر والخراج .

قال : ( أرض العرب كلها أرض عشر وهي ما بين العذيب إلى أقصى حجر باليمن بمهرة إلى حد الشام . والسواد أرض خراج وهو ما بين العذيب إلى عقبة حلوان ، ومن الثعلبية ويقال من العلث إلى عبادان ) لأن { النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب }ولأنه بمنزلة الفيء فلا يثبت في أراضيهم كما لا يثبت في رقابهم ، وهذا لأن وضع الخراج من شرطه أن يقر أهلها على الكفر كما في سواد العراق ، ومشركو العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص ، وكذا اجتمعت الصحابة رضي الله عنهم على وضع الخراج على الشام .


( أرض العرب كلها أرض عشر ) [ ص: 315 ] باب العشر والخراج

الحديث الأول : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب }; قلت : قوله : وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد ، وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة ، ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص ، وكذا اجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام ; قلت : روى أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " حدثنا هشيم بن بشير أنبأ العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي ، قال : لما افتتح المسلمون السواد ، قالوا لعمر : اقسمه بيننا ، فإنا فتحناه عنوة ، قال : فأبى ، وقال : ما لمن جاء بعدكم من المسلمين ؟ قال : فأقر أهل السواد في أرضهم ، وضرب على رءوسهم الجزية ، وعلى أراضيهم الخراج انتهى .

وروى عبد الرزاق في " مصنفه في كتاب أهل الكتاب " أخبرنا معمر عن قتادة عن أبي مجلز أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسر ، وعبد الله بن مسعود ، وعثمان بن حنيف إلى الكوفة ، فجعل عمارا على الصلاة ، والقتال ، وجعل ابن مسعود على القضاء ، وعلى بيت المال ، وجعل عثمان بن حنيف على [ ص: 316 ] مساحة الأرض ، وجعل لهم كل يوم شاة ، ثم قال : ما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا سيسرع فيها ، ثم قال لهم : إني أنزلتكم في هذا المال ، ونفسي كوالي اليتيم ، من كان غنيا فليستعفف ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ، قال : فمسح عثمان سواد الكوفة من أهل الذمة ، فجعل على جريب النخل عشرة دراهم ، وعلى جريب العنب ثمانية دراهم ، وعلى جريب القضب ستة دراهم ، وعلى الجريب من البر أربعة دراهم ، وعلى الجريب من الشعير درهمين وجعل على رأس كل رجل منهم أربعة وعشرين درهما ، كل عام ، ولم يضرب على النساء والصبيان ، وأخذ من تجارهم من كل عشرين درهما درهما ; فرفع ذلك إلى عمر فرضي به انتهى .

وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في أواخر الزكاة " حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي ، قال : وضع عمر على أهل السواد على كل جريب أرض يبلغه الماء ، عامر ، أو غامر درهما ، وقفيزا من طعام ، وعلى البساتين : على كل جريب عشرة دراهم ، وعشرة أقفزة من طعام ، وعلى الرطاب : على كل جريب أرض خمسة دراهم ، وخمسة أقفزة من طعام ، وعلى كل جريب أرض عشرة دراهم ، وعشرة أقفزة ، ولم يضع على النخل شيئا ، جعله تبعا للأرض انتهى .

حدثنا أبو أسامة عن قتادة عن أبي مجلز ، قال : بعث عمر عثمان بن حنيف على مساحة الأرض ، قال : فوضع عثمان على الجريب من الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم ، وعلى جريب القضب ستة دراهم يعني الرطبة وعلى جريب البر أربعة دراهم ، وعلى جريب الشعير درهمين انتهى .

وأما وضع الخراج على أرض مصر ، فروى ابن سعد في " الطبقات في ترجمة عمرو بن العاص " أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني ، قال الواقدي : وحدثني من سمع صالح بن كيسان يخبر عن يعقوب بن عتبة عن مشيخة من أهل مصر أن عمرو بن العاص افتتح مصر عنوة ، واستباح ما فيها ، وعزل منه مغانم المسلمين ، ثم صالح بعد على وضع الجزية في رقابهم ، ووضع الخراج على أرضهم ، [ ص: 317 ] ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك ، مختصر . أخبرنا الواقدي حدثني عبد الله بن نافع عن عمرو بن الحارث ، قال : كان عمرو بن العاص يبعث بجزية أهل مصر وخراجها إلى عمر بن الخطاب ، كل سنة بعد حبس ما يحتاج إليه ، ولقد استبطأه عمر في الخراج سنة ، فكتب إليه ، بكتاب يلومه ، ويشدد عليه ، مختصر . وأما وضع الخراج على أرض الشام فمعروف .

التالي السابق


الخدمات العلمية