نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 330 ] قال : ( وتوضع الجزية على أهل الكتاب والمجوس ) لقوله تعالى: { من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية }الآية ، { ووضع رسول الله عليه الصلاة والسلام الجزية على المجوس }. .


الحديث الثالث : روي { أن رسول الله وضع الجزية على المجوس }; قلت : فيه أحاديث : منها حديث أخرجه البخاري في " صحيحه " عن مجالد ، وهو ابن عبدة المكي ، قال : { أتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة : فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس ، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر } ، انتهى .

حديث آخر : رواه مالك في " الموطإ " أخبرنا الزهري { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين ، وأن عمر أخذها من مجوس فارس ، وأن عثمان أخذها من مجوس [ ص: 331 ] البربر }انتهى . وعن مالك رواه محمد بن الحسن في " موطئه " ، وابن أبي شيبة في " مصنفه " بسنده ومتنه ، ورواه الدارقطني في " غرائب مالك " ، والطبراني في " معجمه " والترمذي عن الحسين بن أبي كبشة ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره . قال الدارقطني : لم يصل إسناده غير الحسين بن أبي كبشة البصري عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ; ورواه الناس عن مالك ، عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، ليس فيه السائب ، وهو المحفوظ انتهى .

{ حديث آخر } : روى البزار في " مسنده " ، والدارقطني في غرائب مالك " من حديث أبي علي الحنفي ثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه أن { عمر بن الخطاب ذكر المجوس ، فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أشهد ، لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب }انتهى .

قال البزار : هذا حديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه ، لم يقولوا : عن جده ، وجده هو علي بن الحسين ، وهو مرسل ، ولا نعلم أحدا قال فيه : عن جده إلا أبو علي الحنفي عن مالك انتهى .

وقال الدارقطني : لم يقل فيه : عن جده ممن رواه عن مالك غير أبي علي الحنفي ، وكان ثقة ، وهو في " الموطإ " عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر انتهى . قلت : هكذا رواه في " الموطإ " من رواية يحيى بن يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر ، فذكره . ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر به [ ص: 332 ] مرسلا ، ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " حدثنا ابن جريج عن جعفر به ، ورواه إسحاق بن راهويه أخبرنا عبد الله بن إدريس عن جعفر به ، قال ابن عبد البر : هذا حديث منقطع ، فإن محمد بن علي لم يلق عمر ، ولا عبد الرحمن بن عوف ، وقد رواه أبو علي الحنفي ، وكان ثقة ، واسمه عبد الله بن عبد المجيد ، فقال فيه : عن جده ، ومع ذلك فهو منقطع ، لأن علي بن الحسين لم يلق عمر ، ولا عبد الرحمن بن عوف ، ولكن معناه يتصل من وجوه حسان انتهى .

قال صاحب " التنقيح " : وقد روي معنى هذا من وجه متصل ، إلا أن في إسناده من يجهل حاله ، قال ابن أبي عاصم ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا أبو رجاء وكان جارا لحماد بن سلمة ، ثنا الأعمش عن زيد بن وهب ، قال : { كنت عند عمر بن الخطاب ، فقال : من عنده علم من المجوس ؟ فوثب عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أشهد بالله على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : إنما المجوس طائفة من أهل الكتاب ، فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب } ، انتهى .

{ حديث آخر } : روى الشافعي في " مسنده " حدثنا سفيان عن سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم ، قال : { قال فروة بن نوفل : علام تؤخذ الجزية من المجوس ، وليسوا بأهل كتاب ؟ فقام إليه المستورد ، فأخذ بلبته ، وقال : يا عدو الله تطعن على أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى أمير المؤمنين يعني عليا وقد أخذوا منهم الجزية ، فذهب به إلى القصر ، فخرج عليهم علي ، وقال : أنا أعلم الناس بالمجوس ، كان لهم علم يعلمونه ، وكتاب يدرسونه ، وأن ملكهم سكر ، فوقع على ابنته ، أو أمه ، فاطلع عليه بعض أهل مملكته ، فلما صحا أرادوا أن يقيموا عليه الحد ، فامتنع منهم فدعا أهل مملكته ، فقال : تعلمون دينا خيرا من دين آدم ، وقد كان ينكح بنيه من بناته ؟ فأنا على دين آدم ، وما يرغب بكم عن دينه ؟ فبايعوه ، وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم ، فأصبحوا ، وقد أسري على كتابهم ، فرفع من بين أظهرهم ، وذهب العلم الذي في صدورهم ، وهم أهل الكتاب ، وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، وعمر منهم الجزية }انتهى .

قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وسعيد بن المرزبان مجروح ، قال يحيى القطان : لا أستحل أروي عنه . وقال ابن معين : ليس بشيء . ولا يكتب حديثه ، وقال الفلاس : متروك الحديث . وقال أبو أسامة : كان ثقة ، وقال أبو زرعة : هو مدلس ، انتهى .

ومن طريق [ ص: 333 ] الشافعي روى البيهقي في " المعرفة " ، وقال : أخطأ ابن عيينة في قوله : نصر بن عاصم ، وإنما هو عيسى بن عاصم ، هكذا رواه ابن فضيل ، والفضل بن موسى عن سعيد بن المرزبان عن عيسى بن عاصم ، قال محمد بن إسحاق بن خزيمة : كنت أتوهم أن الخطأ من الشافعي ، فوجدت غيره تابعه ، فعلمت أن الخطأ من ابن عيينة ثم أسند البيهقي عن أبي داود ، وأبي زرعة أنهما قالا : ما علمنا للشافعي حديثا أخطأ فيه ، والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية