نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وما باعه أو اشتراه أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله في حال ردته فهو موقوف ، فإن أسلم صحت عقوده وإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقال أبو يوسف ومحمد : يجوز ما صنع في الوجهين ، اعلم أن تصرفات المرتد على أقسام : نافذ بالاتفاق : كالاستيلاد ، والطلاق ، لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك وتمام الولاية ، وباطل بالاتفاق : كالنكاح والذبيحة لأنه يعتمد الملة ولا ملة له ، وموقوف بالاتفاق : كالمفاوضة لأنها تعتمد المساواة ولا مساواة بين المسلم والمرتد ما لم يسلم ، ومختلف في توقفه : وهو ما عددناه لهما أن الصحة تعتمد الأهلية والنفاذ [ ص: 352 ] يعتمد الملك ولا خفاء في وجود الأهلية لكونه مخاطبا وكذا الملك لقيامه قبل موته على ما قررناه من قبل ; ولهذا لو ولد له ولد بعد الردة لستة أشهر من امرأة مسلم يرثه ، ولو مات ولده بعد الردة قبل الموت لا يرثه فيصح تصرفاته قبل المدة إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله تصح كما تصح من الصحيح لأن الظاهر عوده إلى الإسلام إذ الشبهة تزاح فلا يقتل ويصار كالمرتدة ، وعند محمد رحمه الله تصح كما تصح من المريض . لأن من انتحل إلى نحلة لا سيما معرضا عما نشأ عليه قلما يتركه فيفضي إلى القتل ظاهرا بخلاف المرتدة لأنها لا تقتل ، ولأبي حنيفة رحمه الله أنه حربي مقهور تحت أيدينا على ما قررناه في توقف الملك وتوقف التصرفات بناء عليه وصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان ، فيؤخذ ويقهر ، وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله فكذا المرتد واستحقاقه القتل لبطلان سبب العصمة في الفصلين ، فأوجب خللا في الأهلية ، بخلاف الزاني وقاتل العمد لأن الاستحقاق في ذلك جزاء على الجناية وبخلاف المرأة لأنها ليست حربية ولهذا لا تقتل . .

التالي السابق


الخدمات العلمية