نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 378 ] كتاب الإباق ( الآبق أخذه أفضل في حق من يقوى عليه ) لما فيه من إحيائه . وأما الضال فقد قيل كذلك ، وقد قيل : تركه أفضل لأنه لا يبرح مكانه فيجده المالك ولا كذلك الآبق ، ثم آخذ الآبق يأتي به إلى السلطان لأنه لا يقدر على حفظه بنفسه بخلاف اللقطة ، ثم إذا رفع الآبق إليه يحبسه ، ولو رفع الضال لا يحبسه لأنه لا يؤمن على الآبق الإباق ثانيا بخلاف الضال . قال : ( ومن رد آبقا على مولاه من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله عليه جعله أربعون درهما ، وإن رده لأقل من ذلك فبحسابه ) وهذا استحسان ، والقياس أن لا يكون له شيء إلا بالشرط ، وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه متبرع بمنافعه فأشبه العبد الضال . ولنا أن الصحابة رضوان الله عليهماتفقوا على وجوب أصل الجعل إلا أن منهم من أوجب أربعين ، ومنهم من أوجب ما دونها فأوجبنا الأربعين في مسيرة السفر وما دونها فيما دونه توفيقا وتلفيقا بينهما ولأن إيجاب الجعل أصله حامل على الرد ، إذ الحسبة نادرة فتحصل صيانة أموال الناس ، والتقدير بالسمع ولا سمع في الضال فامتنع ولأن الحاجة إلى صيانة الضال دونها إلى صيانة الآبق لأنه لا يتوارى والآبق يختفي ، ويقدر الرضخ في الرد عما دون السفر باصطلاحهما أو يفوض إلى رأي القاضي ، وقيل تقسم الأربعون على الأيام الثلاثة إذ هي أقل مدة السفر . قال : ( وإن كانت قيمته أقل من أربعين يقضى له بقيمته إلا درهما ) قال .

[ ص: 379 ] رضي الله عنه : وهذا قول محمد رحمه الله . وقال أبو يوسف رحمه الله : له أربعون درهما ، لأن التقدير بها ثبت بالنص فلا ينقص عنها ، ولهذا لا يجوز الصلح على الزيادة بخلاف الصلح على الأقل لأنه حط منه . ولمحمد رحمه الله أن المقصود حمل الغير على الرد ليحيا مال المالك فينقص درهم ليسلم له شيء تحقيقا للفائدة ، وأم الولد والمدبر في هذا بمنزلة القن إذا كان الرد في حياة المولى لما فيه من إحياء ملكه ، ولو رد بعد مماته لا جعل فيهما لأنهما يعتقان بالموت بخلاف القن ، ولو كان الراد أبا المولى أو ابنه وهو في عياله أو أحد الزوجين على الآخر فلا جعل لأن هؤلاء يتبرعون بالرد عادة ولا يتناولهم إطلاق الكتاب . .


[ ص: 378 ] كتاب الإباق قوله : ولنا إجماع الصحابة على أصل الجعل . إلا أن منهم من أوجب الأربعين ، ومنهم من أوجب ما دونها ; قلت : روى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري [ ص: 379 ] عن أبي رباح عبد الله بن رباح عن أبي عمرو الشيباني ، قال : أصبت غلمانا أباقا بالغين ، فذكرت ذلك لابن مسعود فقال : الأجر والغنيمة ، قلت : هذا الأجر ، فما الغنيمة ؟ قال : أربعون درهما من كل رأس ، انتهى .

ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في " معجمه " ، ورواه البيهقي في " سننه " ، وقال : هو أمثل ما في الباب . [ ص: 380 ] أثر آخر : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي العلاء عن قتادة ، وأبي هاشم أن عمر قضى في جعل الآبق أربعين درهما انتهى .

أثر آخر : رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق ، قال : أعطيت الجعل في زمن معاوية أربعين درهما انتهى .

أثر آخر : رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر جعل في جعل الآبق دينارا ، أو اثني عشر درهما .

أثر آخر : رواه ابن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن حصين عن [ ص: 381 ] الشعبي عن الحارث عن علي أنه جعل في جعل الآبق دينارا ، أو اثني عشر درهما ، انتهى .

حديث مرفوع مرسل : أخرجه عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة في " مصنفيهما " عن عمرو بن دينار { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العبد الآبق يؤخذ خارج الحرم بدينار ، أو عشرة دراهم ، }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية