نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره ) وكذا الأرز والسمسم ، وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز بيع الباقلاء الأخضر وكذا الجوز واللوز والفستق في قشره الأول عنده ، وله في بيع السنبلة قولان ، وعندنا يجوز ذلك كله ، له أن المعقود عليه مستور بما لا منفعة له فيه ، فأشبه تراب الصاغة إذا بيع بجنسه ، ولنا ما روي { عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهى وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة ، }ولأنه حب منتفع به فيجوز بيعه في سنبله كالشعير ، والجامع كونه مالا متقوما بخلاف تراب الصاغة لأنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز ، وفي مسألتنا لو باعه بجنسه لا يجوز أيضا لشبهة الربا ، لأنه لا يدري قدر ما في [ ص: 430 ] السنابل . .


[ ص: 429 ] الحديث الخامس : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع النخل حتى تزهى ، وعن بيع السنبل حتى يبيض ، وتأمن العاهة }; قلت : أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع النخل حتى يزهو ، وعن بيع السنبل حتى يبيض ، ويأمن العاهة ، نهى البائع والمشتري ، }انتهى .

لكن الترمذي فرقه حديثين متواليين ، وقال فيه : حديث حسن صحيح ، ويستعمل زها ، وأزهى ، ثلاثيا ورباعيا ، قال في " الصحاح " : يقال : زها النخل يزهو زهوا ، إذا بدت فيه الحمرة أو الصفرة ، وأزهى لغة [ ص: 430 ] حكاها أبو زيد ، ولم يعرفها الأصمعي انتهى ووقع رباعيا في " الصحيح " ، وثلاثيا عند مسلم ، كلاهما من حديث أنس ، وأخرج البخاري ، ومسلم عن هشيم عن حميد عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، وعن بيع النخل حتى يزهو ، قيل : ما يزهو ؟ قال : يحمار أو يصفار }انتهى .

وأخرج في " الزكاة " عن عبد الله بن دينار سمعت ابن عمر ، قال : { نهى النبي عن بيع التمر حتى يبدو صلاحها ، وكان إذا [ ص: 431 ] سئل عن يبدو صلاحها ، قال : حتى تذهب عاهتها }انتهى .

وأخرج أبو داود ، والترمذي وابن ماجه عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود ، وعن بيع الحب حتى يشتد }انتهى .

قال الترمذي : حديث حسن غريب ، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم انتهى . ووقع في رواية : { وعن بيع الحب حتى يفرك }.

قال البيهقي : إن كان بخفض الراء بإضافة الإفراك إلى الحب وهو الأشبه وافق رواية : { حتى يشتد } ، وإن كان بفتح الراء على ما لم يسم فاعله ، خالف رواية : { حتى يشتد } ، واقتضى تنقيته عن السنبل حتى يجوز بيعه ، قال شيخنا علاء الدين : لم أر أحدا من محدثي زماننا ضبطه ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية