نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني ) وقال الشافعي رحمه الله : يجوز لأن الملك قد تم فيها بالقبض فصار البيع من البائع ومن غيره سواء وصار كما لو باع بمثل الثمن الأول أو بالزيادة أو بالعرض . ولنا قول عائشة رضي الله عنهالتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة : بئسما شريت واشتريت ، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع [ ص: 466 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لم يتب ولأن الثمن لم يدخل في ضمانه فإذا وصل إليه المبيع ووقعت المقاصة بقي له فضل خمسمائة وذلك بلا عوض ، بخلاف ما إذا باع بالعرض لأن الفضل إنما يظهر عند المجانسة .


[ ص: 465 ] الحديث العاشر : قالت عائشة لتلك المرأة ، وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة : بئس ما اشتريت وشريت ، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب ; قلت : أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر ، والثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة في نسوة ، فسألتها [ ص: 466 ] امرأة ، فقالت : يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء ، ثم ابتعتها منه بستمائة ، فنقدته الستمائة ، وكتبت عليه ثمانمائة ، فقالت عائشة : بئس ما [ ص: 467 ] اشتريت ، وبئس ما اشترى ، أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب ، فقالت المرأة لعائشة : أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل ، فقالت : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف }انتهى .

وأخرجه الدارقطني ، والبيهقي في " سننيهما " عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني عن أمه العالية ، قالت : كنت قاعدة عند عائشة ، فأتتها أم محبة ، فقالت : إني بعت زيد بن أرقم جارية إلى عطائه ، فذكره بنحوه . قال الدارقطني : أم محبة ، والعالية مجهولتان لا يحتج بهما انتهى . وأم محبة بضم الميم وكسر الحاء هكذا ضبطه الدارقطني في " كتاب المؤتلف والمختلف " ، وقال : إنها امرأة تروي عن عائشة ، روى حديثها أبو إسحاق السبيعي عن امرأته العالية ، ورواه أيضا يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع عن أم محبة عن عائشة انتهى .

وأخرجه أحمد في " مسنده " حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي ، وأم ولد زيد بن أرقم ، فقالت أم ولد زيد لعائشة : إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة درهم نسيئة ، واشتريت بستمائة نقدا ، فقالت : أبلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب ، بئس ما اشتريت ، وبئس ما شريت انتهى .

قال في " التنقيح " : هذا إسناد جيد ، وإن كان الشافعي قال : لا يثبت مثله عن عائشة ، وكذلك الدارقطني ، قال في العالية : هي مجهولة ، لا يحتج بها ، فيه نظر ، فقد خالفه غيره ، ولولا أن عند أم المومنين علما من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد ، انتهى .

وقال ابن الجوزي : قالوا : العالية امرأة مجهولة لا يقبل خبرها ، قلنا : بل هي امرأة معروفة جليلة القدر ، ذكرها ابن سعد في " الطبقات " ، فقال : العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة انتهى كلامه . أحاديث الباب :

وفي تحريم العينة أحاديث ، " والعينة " بيع سلعة بثمن مؤجل ، ثم [ ص: 4 68 ] يعود فيشتريها بأنقص منه حالا : أخرج أبو داود في " سننه " عن أبي عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم }" انتهى .

ورواه أحمد ، وأبو يعلى الموصلي ، والبزار في " مسانيدهم " قال البزار : وأبو عبد الرحمن هذا هو عندي إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، وهو لين الحديث انتهى .

قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا وهم من البزار ، إنما اسم هذا الرجل إسحاق بن أسد أبو عبد الرحمن الخراساني ، يروي عن عطاء ، روى عنه حيوة بن شريح ، وهو يروي عنه هذا الخبر ، وبهذا ذكره ابن أبي حاتم ، وليس هذا بإسحاق بن أبي فروة ، ذاك مديني ، ويكنى أبا سليمان ، وهذا خراساني ، ويكنى أبا عبد الرحمن ، وأيهما كان فالحديث من أجله لا يصح ، ولكن للحديث طريق أحسن من هذا ، رواه الإمام أحمد في " كتاب الزهد " حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن { ابن عمر ، قال : أتى علينا زمان ، وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم ، ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، أنزل الله بهم ذلا ، فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم }" انتهى . قال : وهذا حديث صحيح ثقات انتهى .

حديث آخر :

رواه أحمد في " مسنده " حدثنا يزيد بن هارون عن أبي جناب عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية