نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
مسائل منثورة قال : ( ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع المعلم وغير المعلم في ذلك سواء ) وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجوز بيع الكلب العقور لأنه غير منتفع به . وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز بيع الكلب ، لقوله عليه الصلاة والسلام [ ص: 545 ] { إن من السحت مهر البغي وثمن الكلب }" ولأنه نجس العين والنجاسة تشعر بهوان المحل وجواز البيع بإعزازه فكان منتفيا . [ ص: 546 ] ولنا " { أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية }" ولأنه منتفع به حراسة واصطيادا فكان مالا فيجوز بيعه ، بخلاف الهوام المؤذية لأنه لا ينتفع بها والحديث محمول على الابتداء قلعا لهم عن الاقتناء ، ولا نسلم [ ص: 547 ] نجاسة العين ولو سلم فيحرم التناول دون البيع .


[ ص: 541 - 544 ] مسائل منثورة

الحديث الأول : قال عليه السلام : { إن من السحت مهر البغي ، وثمن الكلب }" ; قلت : روي من حديث أبي هريرة ; ومن حديث السائب بن يزيد ; ومن حديث عمر بن الخطاب . فحديث أبي هريرة : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " في القسم الأول : عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { إن مهر البغي ، وثمن الكلب ، وكسب الحجام من السحت }" انتهى .

وأخرجه الدارقطني في " سننه " بسندين فيهما ضعف : أحدهما : عن الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاث كلهن سحت : أجر الحجام ، [ ص: 545 ] ومهر البغي ، وثمن الكلب }انتهى .

الثاني : عن المثنى عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا نحوه ، قال الدارقطني : والوليد بن عبيد الله بن أبي رباح ، والمثنى ضعيفان انتهى .

وأما حديث السائب بن يزيد : فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده " حدثنا سفيان بن وكيع ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن محمد عن إبراهيم بن محمد ، قال : سمعت السائب بن يزيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { السحت ثلاث : مهر البغي ، وكسب الحجام ، وثمن الكلب }" . انتهى .

ورواه ابن أبي حاتم في آخر " كتاب العلل " ، وقال أبي : وعبد الرحمن بن محمد هذا هو القارئ ، وإبراهيم هو أخوه فيما أظن ، والناس يروون هذا الحديث عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج انتهى كلامه . وأما حديث عمر : فرواه الطبراني في " معجمه " من حديث يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { ثمن الكلب سحت ، ومن نبت لحمه من سحت فله النار }" مختصر ; ورواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله بيزيد بن عبد الملك هذا ، وقال : إنه مضطرب الحديث لا يضبط ما يرويه ، وعامة ما يرويه غير محفوظ ، ثم أسند عن النسائي أنه قال فيه : متروك الحديث انتهى . أحاديث الباب :

أخرج البخاري ، ومسلم عن أبي مسعود الأنصاري { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن }انتهى .

وأخرج مسلم [ ص: 546 ] عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ثمن الكلب خبيث ، ومهر البغي خبيث ، وكسب الحجام خبيث }" انتهى .

وأخرج أيضا عن جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن ثمن الكلب }انتهى .

الحديث الثاني : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية }; قلت : غريب بهذا اللفظ ، وأخرج الترمذي عن أبي المهزم يزيد بن سفيان عن أبي هريرة ، قال : { نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد }انتهى .

وقال : لا يصح من هذا الوجه ، وأبو المهزم تكلم فيه شعبة ، وقد روي عن جابر مرفوعا نحو هذا ، ولا يصح إسناده أيضا انتهى .

وحديث جابر هذا الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن حجاج بن محمد عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ، والسنور إلا كلب صيد }انتهى .

وقال : حديث منكر ، وقال مرة : ليس بصحيح انتهى .

وأخرجه الدارقطني عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير به ، وأخرجه البيهقي عن عبد الواحد بن غياث ثنا حماد ثنا أبو الزبير عن جابر ، قال : { نهى عن ثمن الكلب ، والسنور إلا كلب صيد }.

قال البيهقي : هكذا رواه عبد الواحد ، وسويد بن عمرو ، عن حماد ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ; رواه عبيد الله بن موسى عن حماد بالشك في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ; ورواه الهيثم بن جميل عن حماد ، وقال فيه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ورواه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي ، والأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء وإنما الاستثناء في الأحاديث النهي عن الاقتناء ، فلعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من الرواة الذين هم دون [ ص: 547 ] الصحابة والتابعين انتهى كلامه .

{ حديث آخر } :

رواه أبو حنيفة رضي الله عنه في " مسنده " عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمن كلب الصيد }انتهى .

وهذا سند جيد ، فأن الهيثم ذكره ابن حبان في الثقات من أثبات التابعين ، ورواه ابن عدي في " الكامل " حدثنا أحمد بن علي المدائني ثنا أبو علي أحمد بن عبد الله الكندي ثنا علي بن معبد ثنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم به ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن كلب الصيد }انتهى .

وأعله بأبي علي الكندي ، وهو المعروف باللجلاج ، قال : وله أشياء ينفرد بها من طريق أبي حنيفة انتهى . وقال ابن القطان : اللجلاج لم تثبت عدالته ، وقد حدث بأحاديث كثيرة لأبي حنيفة كلها مناكير لا تعرف انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية