نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا بأس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أن يؤدي فرضه ) لأن [ ص: 39 ] الصحابة رضي الله عنهم تقلدوه وكفى بهم قدوة ولأنه فرض كفاية لكونه أمرا بالمعروف .


قوله : روي عن الصحابة أنهم تقلدوا القضاء ، وكفى بهم قدوة ; قلت : تقدم عند أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه أن عليا تقلد القضاء من النبي صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي : [ ص: 39 ] حديث حسن وأخرج البيهقي أن أبا بكر لما ولى عمر بن الخطاب القضاء ، وأبا عبيدة المال ، وأخرج أيضا عن أبي وائل ، أن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء ، وبيت المال وأخرج ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج بن أرطاة عن نافع ، قال : لما استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء فرض له رزقا انتهى .

أحاديث الاجتهاد ، والقياس أخرج البخاري ، ومسلم عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إذا حكم الحاكم فاجتهد ، فأصاب فله أجران ، وإذا حكم وأخطأ فله أجر }انتهى . وأخرج أبو داود ، والترمذي عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ { عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ، ولا في كتاب الله ؟ قال : أجتهد رأيي ، ولا آلو ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله }انتهى .

وأخرجاه أيضا عن أناس من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده بمتصل انتهى .

وقال البخاري في " تاريخه الكبير " : الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ ، روى عنه أبو عون ، ولا يصح ، ولا يعرف إلا بهذا مرسل انتهى . وفيه كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني ، ثم البيهقي في [ ص: 40 ] سننهما " ، وفيه : الفهم فيما يختلع في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأشباه والأمثال ، ثم قس الأمور عند ذلك ، فاعمل إلى أحبها إلى الله ، وأشبهها بالحق فيما ترى الحديث ، وسيأتي بتمامه قريبا ، قال البيهقي : والاجتهاد هو القياس ، وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس إذا سئل عن الشيء ، فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال به ، فإن لم يجد ، وكان عن أبي بكر ، أو عمر قال به ، فإن لم يجد اجتهد رأيه . انتهى .

وقال : إسناده صحيح وأخرج حديث ابن مسعود قال : { لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار : منا أمير ، ومنكم أمير فبلغ ذلك عمر فأتاهم فقال لهم : يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ قالوا : نعم قال : فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ فقالت الأنصار : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر }قال البيهقي : فقد قاس عمر الإمامة في سائر الأمور على إمامة الصلاة وقبله منه جميع الصحابة المهاجرون والأنصار وأخرج حديث ابن مسعود في قصة بروع بنت واشق أقول فيها برأيي ، فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمني وحديث أبي بكر في " الكلالة " أقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان .

وعن مالك بن أنس قال : أنزل الله كتابه وترك فيه موضعا لسنة نبيه وسن نبيه صلى الله عليه وسلم السنن ، وترك فيها موضعا للرأي والقياس انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية