نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا شهادة الوالد لولده وولد ولده ولا شهادة الولد لأبويه وأجداده ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام : { لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده ولا المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته ولا العبد لسيده ولا المولى لعبده ولا الأجير لمن استأجره }ولأن المنافع بين الأولاد والآباء متصلة ، ولهذا لا يجوز أداء الزكاة إليهم فتكون شهادة لنفسه من وجه أو تتمكن فيه التهمة . [ ص: 87 ] قال : والمراد بالأجير على ما قالوا : التلميذ الخاص الذي يعد ضرر أستاذه ضرر نفسه ونفعه نفع نفسه ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام : { لا شهادة للقانع بأهل البيت }وقيل : المراد به الأجير مسانهة أو مشاهرة أو مياومة فيستوجب الأجر بمنافعه عند أداء الشهادة فيصير كالمستأجر عليها .

قال : ( ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ) وقال الشافعي رحمه الله : تقبل لأن الأملاك بينهما متميزة والأيدي متحيزة ، ولهذا يجري القصاص والحبس بالدين بينهما ولا معتبر بما فيه من النفع لثبوته ضمنا كما في الغريم إذا [ ص: 88 ] شهد لمديونه المفلس . ولنا ما رويناه ، ولأن الانتفاع متصل عادة وهو المقصود فيصير شاهدا لنفسه من وجه أو يصير متهما بخلاف شهادة الغريم لأنه لا ولاية له على المشهود به ( ولا شهادة المولى لعبده ) لأنه شهادة لنفسه من كل وجه إذا لم يكن على العبد دين ; أو من وجه إن كان عليه دين ; لأن الحال موقوف مراعى ( ولا لمكاتبه ) لما قلنا ( ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما ) لأنه شهادة لنفسه من وجه لاشتراكهما ، ولو شهد بما ليس من شركتهما تقبل لانتفاء التهمة .


[ ص: 83 - 86 ] باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل الحديث الأول : قال عليه السلام : { لا تقبل شهادة الولد لوالده ، ولا شهادة الوالد لولده ولا المرأة لزوجها ، ولا الزوج لامرأته ، ولا العبد لسيده ، ولا المولى لعبده ، ولا الأجير لمن استأجره }قلت : غريب ، وهو في ( مصنف ابن أبي شيبة ) ، وعبد الرزاق من قول شريح ، قال عبد الرزاق : حدثنا سفيان عن جابر عن عامر عن شريح ، قال : لا تجوز شهادة الابن لأبيه ، ولا الأب لابنه ، ولا المرأة لزوجها ، ولا الزوج لامرأته ، ولا الشريك لشريكه في شيء بينهما لكن في غيره ، ولا الأجير لمن استأجره ، ولا العبد لسيده انتهى .

وقال ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع ثنا سفيان به ، وأخرجا نحوه عن [ ص: 87 ] إبراهيم النخعي ، وقال في " الخلاصة " : رواه الخصاف بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم

الحديث الثاني : قال عليه السلام : { لا شهادة للقانع بأهل البيت }قلت : أخرجه أبو داود في " سننه " عن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن ، والخائنة ، وذي الغمر على أخيه ، وشهادة القانع لأهل البيت ، وأجازها لغيرهم }انتهى . قال أبو داود : والغمر الشحناء انتهى .

وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ، وعند عبد الرزاق رواه أحمد في " مسنده " ، قال في " التنقيح " : ومحمد بن راشد وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهما ، وتكلم فيه بعض الأئمة ، وقد تابعه غيره عن سليمان انتهى .

قلت : ورواه أيضا عن عمرو بن شعيب حجاج بن أرطاة . وآدم بن فائد وهما ضعيفان ، فحديث الحجاج في " سنن ابن ماجه " ، وحديث آدم بن فائد في " سنن الدارقطني " [ ص: 88 ] وكلاهما لم يذكر فيه : القانع ، ولفظهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا محدود في الإسلام ، ولا ذي غمر على آخر }انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الترمذي عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجوز شهادة خائن ، ولا خائنة ، ولا مجلود حدا ولا ذي غمر على أخيه ، ولا مجرب بشهادة الزور ، ولا القانع أهل البيت ، ولا ظنين في ولاء ، ولا قرابة } ، انتهى .

وقال : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي ، وهو يضعف في الحديث ، ولا يصح هذا من قبل إسناده ، والغمر : العداوة انتهى .

ورواه الدارقطني في سننه " ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " غريب الحديث " ، قال أبو عبيد : والغمر : العداوة ، والقانع : التابع لأهل البيت ، كالخادم لهم ، والظنين : المتهم في دينه انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية