نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( وتقبل شهادة الرجل لأخيه وعمه ) لانعدام التهمة لأن الأملاك ومنافعها متباينة ولا بسوطة لبعضهم في مال البعض .

قال : ( ولا تقبل شهادة مخنث ) ومراده المخنث في الرديء من الأفعال [ ص: 89 ] لأنه فاسق ، فأما الذي في كلامه لين وفي أعضائه تكسر فهو مقبول الشهادة ( ولا نائحة ولا مغنية ) لأنهما يرتكبان محرما " فإنه عليه الصلاة والسلام { نهى عن الصوتين الأحمقين النائحة والمغنية }.

قال : ( ولا مدمن الشرب على اللهو ) لأنه ارتكب محرم دينه ( ولا من يلعب بالطيور ) لأنه يورث غفلة ، ولأنه قد يقف على عورات النساء بصعوده على سطحه ليطير طيره ، وفي بعض النسخ : ( ولا من يلعب بالطنبور ) هو المغني . قال : ( ولا من يغني للناس ) لأنه يجمع الناس على ارتكاب كبيرة .

قال : ( ولا من يأتي بابا من الكبائر التي يتعلق بها الحد ) للفسق .

قال : ( ولا من يدخل الحمام من غير إزار ) لأن كشف العورة حرام ( أو يأكل الربا أو يقامر بالنرد والشطرنج ) لأن كل ذلك من الكبائر وكذلك من تفوته الصلاة للاشتغال بهما ، فأما مجرد اللعب بالشطرنج فليس بفسق مانع من الشهادة لأن للاجتهاد فيه مساغا ، وشرط في الأصل أن يكون آكل الربا [ ص: 90 ] مشهورا به لأن الإنسان قلما ينجو عن مباشرة العقود الفاسدة وكل ذلك ربا . قال : ( ولا من يفعل الأفعال المستحقرة كالبول على الطريق والأكل على الطريق ) لأنه تارك للمروءة ، وإذا كان لا يستحي عن مثل ذلك لا يمتنع عن الكذب فيتهم


الحديث الثالث : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن الصوتين الأحمقين : النائحة ، والمغنية }; [ ص: 89 ] قلت : أخرجه الترمذي في " الجنائز " عن عيسى بن يونس عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : { أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف ، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ، وبكى ، فقال له عبد الرحمن : أتبكي يا رسول الله ، وقد نهيت عن البكاء ؟ قال : لا ، إني لم أنه عن البكاء ، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين : صوت عند نغمة لعب ، ولهو ، ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، خمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة شيطان }انتهى .

وقال : حديث حسن انتهى . وكذلك رواه ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وعبد بن حميد ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، قال ابن أبي شيبة : حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى به ، وقال ابن راهويه : أخبرنا وكيع عن ابن أبي ليلى به ، وقال عبد بن حميد : أخبرنا عبيد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى به ، وقال الطيالسي : حدثنا أبو عوانة عن ابن أبي ليلى [ ص: 90 ] به ، وكلهم ذكروه في مسند جابر ورواه البيهقي في " سننه " من طريق أبي عوانة به ، وزاد فيه : { وإنما هذه رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا أنه قول حق ، ووعد صدق ، وسبيل مأتي ، وقضاء مقضي ، وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا }انتهى .

ومنهم من جعل هذا الحديث من مسند عبد الرحمن بن عوف ، أخرجه كذلك البزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسنديهما " عن النضر بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فانطلق بي إلى ابنه إبراهيم } ، إلى آخره ، ذكراه في مسند ابن عوف ، وقال البزار : وهذا حديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن إلا من هذا الوجه ، بهذا الإسناد انتهى .

وكذلك رواه البيهقي في " شعب الإيمان " عن الحاكم بسنده عن يونس بن بكير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به ، قال النووي في " الخلاصة " : ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف ، ولعله اعتضد : ورنة الشيطان هي الغناء ، والمزامير هكذا جاء مبينا في رواية البيهقي انتهى كلامه . ورواه الحاكم في " المستدرك في فضائل مارية القبطية " عن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف ، قال : { أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي } ، الحديث ، وسكت عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية