نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 93 ] قال : ( وتقبل شهادة الأقلف ) لأنه لا يخل بالعدالة إلا إذا تركه استخفافا بالدين لأنه لم يبق بهذا الصنيع عدلا ( والخصي ) لأن عمر رضي الله عنه قبل شهادة علقمة الخصي ولأنه قطع عضو منه ظلما فصار كما إذا قطعت يده ( وولد الزنا ) لأن فسق الأبوين لا يوجب فسق الولد ككفرهما وهو مسلم . وقال مالك رحمه الله : لا تقبل في الزنا لأنه يجب أن يكون غيره كمثله فيتهم . قلنا : العدل لا يختار ذلك ولا يستحبه والكلام في العدل .


قوله : روي أن عمر رضي الله عنه قبل شهادة علقمة الخصي ; قلت : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه في الأقضية " حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين أن عمر أجاز شهادة علقمة الخصي ، على ابن مظعون انتهى .

ورواه أبو نعيم في " الحلية في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي " ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل أن الجارود شهد على قدامة أنه شرب الخمر ، فقال عمر : هل معك شاهد آخر ؟ قال : لا ، فقال عمر : يا جارود ما أراك إلا مجلودا ، قال : يشرب ختنك ، وأجلد أنا ؟ فقال علقمة الخصي لعمر : أتجوز شهادة الخصي ؟ قال : وما بال الخصي لا تقبل شهادته ؟ قال : فإني أشهد أني قد رأيته يقيئها ، فقال عمر : ما قاءها حتى شربها ، فأقامه ، ثم جلده الحد انتهى .

وأخرج عبد الرزاق في " مصنفه " حديث قدامة مطولا ، ليس فيه ذكر علقمة ، وتلخيصه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب استعمل قدامة بن مظعون على البحرين ، [ ص: 94 ] وهو خال حفصة ، فقدم الجارود سيد عبد القيس من البحرين على عمر ، فشهد على قدامة أنه شرب فسكر ، قال : من يشهد معك ؟ قال : أبو هريرة ، فدعاه فقال : بم تشهد ؟ قال : رأيته سكران يقيء ، فكتب عمر إلى قدامة يطلبه حتى قدم عليه ، فسأله ، فقال الجارود : يا أمير المؤمنين أقم على هذا كتاب الله ، فقال عمر : ما أراك إلا خصما ، [ ص: 95 ] وما شهد معك إلا واحد ، فقال الجارود : أنشدك الله ، فقال عمر : لتمسكن لسانك ، أو لأسوءك ، فقال : والله ما ذاك بالحق أن يشرب ختنك الخمر ، وتسوءني أنا ، فقال أبو هريرة : يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا ، فأرسل إلى امرأته هند ابنة الوليد ، فاسألها ، فأرسل عمر إلى هند ، فشهدت على زوجها ، فحده عمر ، وغضب قدامة على عمر زمانا ، وحجا متغاضبين ، فلما قفلا من حجهما ، ونزل عمر بالسقيا ، فنام بها ، ثم [ ص: 96 ] استيقظ مرعوبا ، فقال : عجلوا علي بقدامة ، فوالله إني لأرى آتيا أتاني ، فقال لي : يا عمر سالم قدامة ، فإنه أخوك ، فأبى قدامة أن يأتيه ، فأمر عمر أن يجروه إليه ، فلما أتي به ، كلمه عمر ، واستغفر له انتهى . قوله : وعن ابن عباس ، قال : لا تقبل شهادة الأقلف ، ولا تقبل صلاته ، ولا تؤكل ذبيحته ; قلت : هذا يوجد في بعض نسخ " الهداية " ، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه في كتاب الأقضية " حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال : لا تجوز شهادة الأقلف ، ولا تقبل له صلاة ، ولا تؤكل له ذبيحة ، قال : وكان الحسن لا يرى ذلك انتهى . رواه عبد الرزاق في " مصنفه في كتاب الحج " أخبرنا معمر عن قتادة ، قال : كان ابن عباس يكره ذبيحة الأرغل ، ويقول : لا تجوز صلاته ، ولا تقبل شهادته وفيه قصة ، ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي في " شعب الإيمان في الباب الستون منه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية