نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 155 ] قال : ( ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام ) لقوله صلى الله عليه وسلم لابن صوريا الأعور : " { أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا }" ولأن اليهودي يعتقد نبوة موسى والنصراني نبوة عيسى عليهما السلام ، فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ( و ) يستحلف ( المجوسي بالله الذي خلق النار ) وهكذا ذكر محمد في الأصل . [ ص: 156 ] ويروى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر لأنه لا يستحلف أحد إلا بالله خالصا ، وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله ، وهو إخبار بعض مشايخنا رحمهم اللهلأن في ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيمها وما ينبغي أن تعظم بخلاف الكتابين لأن كتب الله معظمة ( والوثني لا يحلف إلا بالله ) لأن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ، قال الله تعالى . { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله }.

قال : ( ولا يحلفون في بيوت عبادتهم ) لأن القاضي لا يحضرها بل هو ممنوع عن ذلك .


[ ص: 155 ] الحديث الثالث : قال عليه السلام لابن صوريا الأعور : " { أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا }" ؟ قلت : أخرجه مسلم في " الحدود " عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب ، قال : { مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي محمم ، فدعاهم ، فقال : هكذا تجدون حد الزاني ؟ قالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم ، فقال له : نشدتك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، أن هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقال : اللهم لا ، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد ، حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا : تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التحميم والجلد ، وتركنا الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ، فأمر به ، فرجم }انتهى . قال الشراح : وهذا الرجل هو عبد الله بن صوريا ، وكان أعلم من بقي منهم بالتوراة ، وقد صرح باسمه في " سنن أبي داود " عن سعيد عن قتادة عن عكرمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يعني لابن صوريا : أذكركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون ، وأقطعكم البحر ، وظلل عليكم الغمام ، وأنزل عليكم المن والسلوى ، وأنزل التوراة على موسى ، أتجدون في كتابكم الرجم ؟ قال : ذكرتني بعظيم ، ولا يسعني أن أكذبك } ، وساق الحديث ، انتهى .

وهو مرسل ، وجعله شيخنا علاء الدين مسندا من رواية ابن عباس ، مقلدا لغيره في ذلك ، وهو وهم ، ولم يخرجه أبو داود إلا مرسلا ، هكذا ذكره في " كتاب الأقضية " .

أحاديث الباب : أخرج أبو داود عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله ، [ ص: 156 ] قال : { جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا ، فقال : ائتوني بأعلم رجلين منكم ، فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد فيها } ، إلى آخره . وقد تقدم في " الشهادات " ، قال المنذري في " مختصره " : وقوله : بابني صوريا ، لعله أراد عبد الله بن صوريا بضم الصاد ، وفتح الراء وقيل : بكسرها ، وكنانة بن صوريا [ ص: 157 ] بضم الصاد ، وكسر الراء ، والمد فيكون قد ثناهما على لفظ أحدهما : أو يكون عبد الله أيضا يقال فيه : ابن صوريا انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه أبو داود أيضا عن عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن الزهري حدثنا رجل من مزينة ، ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، قال : { قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني لليهود : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ } ، انتهى وفيه انقطاع .

{ حديث آخر } : رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة { عن ابن عباس في قوله تعالى: { إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا } ، قال : هم اليهود زنت منهم امرأة ، وقد كان الله تعالى حكم في التوراة في الزنا الرجم ، فنفسوا أن يرجموها ، وقالوا : انطلقوا إلى محمد ، فعسى أن يكون عنده رخصة ، فاقبلوها ، فأتوه ، فقالوا : يا أبا القاسم إن امرأة منا زنت ، فما تقول فيها ؟ فقال عليه السلام : كيف حكم الله في التوراة في الزاني ؟ فقالوا : دعنا من التوراة ، فما عندك في ذلك ؟ فقال : ائتوني بأعلمكم بالتوراة التي أنزلت على [ ص: 158 ] موسى صلى الله عليه وسلم فأتوه ، فقال لهم : بالذي نجاكم ، من آل فرعون ، وبالذي فلق البحر فأنجاكم ، وأغرق آل فرعون ، ألا أخبرتموني ما حكم الله في التوراة في الزاني ؟ فقالوا : حكم الله الرجم ، }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية