نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وإذا عمل المضارب في المصر فليست نفقته في المال ، وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه ) ومعناه شراء وكراء في المال . ووجه الفرق أن النفقة تجب بإزاء الاحتباس كنفقة القاضي ونفقة المرأة . والمضارب في المصر ساكن بالسكنى الأصلي وإذا سافر صار محبوسا بالمضاربة فيستحق النفقة فيه وهذا بخلاف الأجير ; لأنه يستحق البدل لا محالة فلا يتضرر بالإنفاق من ماله . أما المضارب فليس له إلا الربح وهو في حيز التردد فلو أنفق من ماله يتضرر به ، وبخلاف المضاربة الفاسدة ; لأنه أجير ، وبخلاف البضاعة ; لأنه متبرع .

قال : ( ولو بقي شيء في يده بعدما قدم مصره رده في المضاربة ) لانتهاء الاستحقاق . ولو كان خروجه دون السفر ، فإن كان بحيث يغدو ثم يروح فيبيت بأهله فهو بمنزلة السوقي في المصر ، وإن كان بحيث لا يبيت بأهله فنفقته في مال المضاربة ; لأن خروجه للمضاربة ، والنفقة هي ما يصرف إلى الحاجة الراتبة وهو ما ذكرنا ، ومن جملة ذلك غسل ثيابه وأجرة أجير يخدمه وعلف دابة يركبها والدهن في موضع يحتاج إليه عادة كالحجاز ، وإنما يطلق في جميع ذلك بالمعروف حتى يضمن الفضل إن جاوزه اعتبارا للمتعارف بين التجار . [ ص: 234 ]

قال : ( وأما الدواء ففي ماله ) في ظاهر الرواية . وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يدخل في النفقة ; لأنه لإصلاح بدنه ولا يتمكن من التجارة إلا به فصار كالنفقة وجه الظاهر أن الحاجة إلى النفقة معلومة الوقوع وإلى الدواء بعارض المرض ، ولهذا كانت نفقة المرأة على الزوج ودواؤها في مالها .

التالي السابق


الخدمات العلمية