نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل آخر .

قال : ( فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها بزا فباعه بألفين ثم اشترى بالألفين عبدا فلم ينقدهما حتى ضاعا يغرم رب المال ألفا وخمسمائة والمضارب خمسمائة ويكون ربع العبد للمضارب وثلاثة أرباعه على المضاربة ) .

قال رحمه الله : هذا الذي ذكره حاصل الجواب ; لأن الثمن كله على المضارب إذ هو العاقد إلا أن له حق الرجوع على رب المال بألف وخمسمائة على ما نبين فيكون عليه في الآخرة . ووجهه أنه لما نض المال ظهر الربح وله منه [ ص: 235 ] وهو خمسمائة فإذا اشترى بالألفين عبدا صار مشتريا ربعه لنفسه وثلاثة أرباعه للمضاربة على حسب انقسام الألفين ، وإذا ضاعت الألفان وجب عليه الثمن لما بيناه ، وله الرجوع بثلاثة أرباع الثمن على رب المال ; لأنه وكيل من جهته فيه ويخرج نصيب المضارب وهو الربع من المضاربة ; لأنه مضمون عليه ومال المضاربة أمانة وبينهما منافاة ، ويبقى ثلاثة أرباع العبد على المضاربة ; لأنه ليس فيه ما ينافي المضاربة ( ويكون رأس المال ألفين وخمسمائة ) ; لأنه دفع مرة ألفا ومرة ألفا وخمسمائة ( ولا يبيعه مرابحة إلا على ألفين ) ; لأنه اشتراه بألفين ، ويظهر ذلك فيما إذا بيع العبد بأربعة آلاف فحصة المضاربة ثلاثة آلاف يرفع رأس المال ويبقى خمسمائة ربح بينهما .

قال : ( وإن كان معه ألف فاشترى رب المال عبدا لخمسمائة وباعه إياه بألف فإنه يبيعه مرابحة على خمسمائة ) ; لأن هذا البيع مقضي بجوازه لتغاير المقاصد دفعا للحاجة وإن كان بيع ملكه بملكه إلا أن فيه شبهة العدم ومبنى المرابحة على الأمانة والاحتراز عن شبهة الخيانة فاعتبر أقل الثمنين ; ولو اشترى المضارب عبدا بألف وباعه من رب المال بألف ومائتين باعه مرابحة بألف ومائة ; لأنه اعتبر عدما في حق نصف الربح وهو نصيب رب المال وقد مر في البيوع .

قال : ( فإن كان معه ألف بالنصف فاشترى بها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على رب المال وربعه على المضارب ) ; لأن الفداء مؤنة الملك فيتقدر بقدر الملك وقد كان الملك بينهما أرباعا ; لأنه لما صار المال عينا واحدا ظهر الربح ، وهو ألف بينهما وألف لرب المال برأس ماله ; لأن قيمته ألفان ، وإذا فديا خرج العبد عن المضاربة . أما نصيب المضارب فلما بيناه ، وأما نصيب رب المال فلقضاء القاضي بانقسام الفداء عليهما لما أنه يتضمن قسمة العبد بينهما والمضاربة تنتهي بالقسمة ، بخلاف ما تقدم ; لأن جميع الثمن فيه على المضارب وإن كان له حق الرجوع فلا حاجة إلى القسمة ; ولأن العبد كالزائل عن ملكهما بالجناية ودفع الفداء كابتداء الشراء فيكون العبد بينهما أرباعا لا على [ ص: 236 ] المضاربة يخدم المضارب يوما ورب المال ثلاثة أيام بخلاف ما تقدم .

قال : ( وإن كان معه ألف فاشترى بها عبدا فلم ينقدها حتى هلكت الألف يدفع رب المال ذلك الثمن ورأس المال جميع ما يدفع إليه رب المال ) ; لأن المال أمانة في يده ، ولا يصير مستوفيا ، والاستيفاء إنما يكون بقبض مضمون ، وحكم الأمانة ينافيه فيرجع مرة بعد أخرى ، بخلاف الوكيل بالشراء إذا كان الثمن مدفوعا إليه قبل الشراء وهلك بعد الشراء حيث لا يرجع إلا مرة ; لأنه أمكن جعله مستوفيا ; لأن الوكالة تجامع الضمان كالغاصب إذا توكل ببيع المغصوب ثم في الوكالة في هذه الصورة يرجع مرة ، وفيما إذا اشترى ثم دفع الموكل إليه المال فهلك لا يرجع ; لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء ، فجعل مستوفيا بالقبض بعده ، أما المدفوع إليه قبل الشراء أمانة في يده وهو قائم على الأمانة بعده فلم يصر مستوفيا ، فإذا هلك رجع عليه مرة ثم لا يرجع لوقوع الاستيفاء على ما مر .

التالي السابق


الخدمات العلمية