نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 274 ] كتاب الإجارات

( الإجارة عقد على المنافع بعوض ) ; لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع ، والقياس يأبى جوازه ; لأن المعقود عليه المنفعة وهي معدومة ، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح إلا أنا جوزناه لحاجة الناس إليه وقد شهدت بصحتها الآثار ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه }. [ ص: 275 - 276 ] وقوله عليه الصلاة والسلام : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة ، والدار أقيمت مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليها ليرتبط الإيجاب بالقبول ، ثم عمله يظهر في حق المنفعة تملكا واستحقاقا حال وجود المنفعة


[ ص: 274 ] كتاب الإجارات

الحديث الأول : قال عليه السلام : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه }; قلت : روي من حديث ابن عمر ; ومن حديث أبي هريرة ; ومن حديث جابر ; ومن حديث أنس . فحديث ابن عمر : أخرجه ابن ماجه في " سننه في كتاب الأحكام في باب أجر الأجراء " عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أعطوا الأجير أجره ، قبل أن يجف عرقه } ، انتهى . وهو معلول بعبد الرحمن بن زيد .

وأما حديث أبي هريرة : فرواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا إسحاق بن إسرائيل ثنا عبد الله بن جعفر أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، نحوه سواء ، ورواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله بعبد الله بن جعفر هذا ، وهو والد علي بن المديني . وأسند تضعيفه عن النسائي ، والسعدي ، وابن معين ، والفلاس ، ولينه ابن عدي ، فقال : عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى .

ورواه أبو نعيم الحافظ في " كتاب الحلية في ترجمة سفيان الثوري " حدثنا محمد بن عمر بن مسلم ثنا أحمد بن الحسن بن إسماعيل اليشكري بالكوفة من كتابه ثنا أحمد بن بلال ثنا عبد العزيز بن أبان عن سفيان عن سهيل به ، وقال : غريب لم يكتبه إلا من هذا الوجه انتهى . ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره ، فعزاه للبخاري .

[ ص: 275 ] وأما حديث أنس : فرواه أبو عبد الله الترمذي الحكيم في " كتاب نوادر الأصول " في الأصل الثاني عشر ، حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيد الأزدي ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي عن بشر بن الحسين الهلالي عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك مرفوعا ، نحوه سواء .

{ حديث آخر } :

مرسل ، رواه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في " كتاب الأموال " حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أعطوا الأجير أجره } ، إلى آخره .

وأما حديث جابر :

فرواه الطبراني في " معجمه الصغير " حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي بمصر ثنا محمد بن زياد بن ريان الكلبي ثنا شرقي بن القطامي عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ، وقال : تفرد به محمد بن زياد ، قال ابن طاهر : هذا حديث روي من حديث ابن عمر ; ومن حديث أبي هريرة ; ومن حديث جابر . فحديث ابن عمر : رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، وعبد الرحمن ضعيف .

وحديث أبي هريرة : له طرق ، فرواه أبو إسحاق الكوري عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي هريرة ، والكوري هذا ضعيف ; ورواه عبد الله بن جعفر المديني عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ، وعبد الله هذا هو والد علي بن المديني ، وليس بشيء في الحديث ; ورواه محمد بن عمار المؤذن عن المقبري عن أبي هريرة ، والحديث يعرف بابن عمار هذا ، وليس بالمحفوظ ; وحديث جابر ، رواه محمد بن زياد بن ريان الطائي عن شرقي القطامي عن أبي الزبير عن جابر ، وشرقي منكر الحديث انتهى كلامه . ومعنى الحديث في " الصحيح " أخرجه البخاري . عن المقبري عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ، ثم غدر ، ورجل باع حرا ، [ ص: 276 ] فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا ، فاستوفى منه ، ولم يعطه أجره }انتهى .

الحديث الثاني : قال عليه السلام : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }; قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه في البيوع " حدثنا معمر ، والثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، أو أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا ، فليسم له أجرته }.

قال عبد الرزاق : فقلت للثوري يوما : أسمعت حمادا يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليسم له أجرته }؟ قال : نعم ، وحدث به مرة أخرى ، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم انتهى .

ورواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليعلمه أجره }انتهى .

وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ، فقال : أخبرنا عبد الرزاق ثنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من استأجر أجيرا فليبين له أجرته }انتهى .

أخبرنا النضر بن شميل ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى أن يستأجر الرجل حتى يبين له أجره } ، [ ص: 277 ] انتهى .

وبهذا اللفظ الأخير رواه أحمد في " مسنده " ، وأبو داود في " مراسيله " ، ومن جهة أبي داود ذكره عبد الحق في " أحكامه " ، قال : وإبراهيم لم يدرك أبا سعيد انتهى ، وسند أبي داود حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان ، ورواه النسائي في " المزارعة " موقوفا على الخدري : { إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره } ، ولم يذكره ابن عساكر في " أطرافه " : ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفا على الخدري ، وأبي هريرة ، فقال : حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، قالا : من استأجر أجيرا فليعلمه أجره انتهى .

ذكره في " البيوع " قال ابن أبي حاتم في " كتاب العلل " : سألت أبا زرعة عن حديث رواه حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن يستأجر حتى يعلم أجره } ، ورواه الثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد موقوفا ، فقال أبو زرعة : الصحيح موقوف ، فإن الثوري أحفظ انتهى كلامه .

[ ص: 278 - 280 ] أحاديث الباب :

قال المصنف : وقد شهدت بصحتها الآثار يعني الإجارة ثم ذكر الحديثين المتقدمين ، وفيها أحاديث صحيحة : منها حديث أبي هريرة : { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ، ولم يعطه أجره }انتهى . رواه البخاري .

{ حديث آخر } :

حديث اللديغ ، رواه الأئمة الستة في " كتبهم " ، وسيأتي قريبا . { حديث آخر } :

أخرجه البخاري ، ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم { احتجم وأعطى الحجام أجره } ، انتهى . وسيأتي قريبا .

{ حديث آخر } :

أخرجه البخاري عن عمرو بن يحيى عن جده عن أبي هريرة عن [ ص: 281 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ، فقال أصحابه : وأنت يا رسول الله ؟ قال : نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة }انتهى .

{ حديث آخر } :

أخرجه البخاري أيضا عن عروة عن عائشة ، قالت : { استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من الديل ، هاديا خريتا ، وهو على دين كفار قريش ، فدفعا إليه راحلتيهما ، ووعداه غار ثور ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث }انتهى . حديث آخر :

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن سويد بن قيس ، قال : { جلبت [ ص: 282 ] أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل ، وعنده وزان يزن بالأجر ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : زن وأرجح }انتهى .

{ حديث آخر } :

أخرجه ابن ماجه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم خصاصة ، فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه ، فخرج يلتمس عملا يصيب فيه شيئا ليغيث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بستانا لرجل من اليهود ، فاستقى له سبعة عشر دلوا ، كل دلو بتمرة ، ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم }انتهى . وأعله في " التنقيح " بحنش ، قال : [ ص: 283 ] واسمه حسين بن قيس ، وقد ضعفوه إلا الحاكم ، فإنه وثقه ، وقد رواه أحمد في " مسنده " أخبرنا إسماعيل ثنا أيوب عن مجاهد ، قال : { قال علي رضي الله عنه : جعت مرة بالمدينة جوعا شديدا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة تريد الماء ، فقاطعتها كل ذنوب بتمرة ، فمددت ستة عشر ذنوبا حتى قحلت يداي . ثم أتيتها فقلت بكفي هكذا بين يديها فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فأكل معي منها }انتهى .

قال في " التنقيح " : فيه انقطاع ، قال أبو زرعة : مجاهد عن علي مرسل : وقال أبو حاتم : مجاهد أدرك عليا ، ولا نعلم له رواية ولا سماعا ، [ ص: 284 ] انتهى كلامه

.

التالي السابق


الخدمات العلمية