نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 397 ] كتاب الغصب . الغصب في اللغة : عبارة عن أخذ الشيء من الغير على سبيل التغلب للاستعمال فيه بين أهل اللغة ، وفي الشريعة : أخذ مال متقوم محترم ، بغير إذن المالك على وجه يزيل يده ، حتى كان استخدام العبد وحمل الدابة غصبا دون الجلوس على البساط ، ثم إن كان مع العلم فحكمه المأثم والمغرم ، وإن كان بدونه فالضمان ; لأنه حق العبد ، فلا يتوقف على قصده ولا إثم ; لأن الخطأ موضوع

قال : ( ومن غصب شيئا له مثل كالمكيل والموزون فهلك في يده فعليه مثله ) وفي بعض النسخ فعليه ضمان مثله ولا تفاوت بينهما وهذا ; لأن الواجب هو المثل لقوله تعالى: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم }; ولأن المثل أعدل لما فيه من مراعاة الجنس والمالية فكان أدفع للضرر .

قال : ( فإن لم يقدر على مثله فعليه قيمته يوم يختصمون ) وهذا ( عند أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف رحمه الله : يوم الغصب ، وقال محمد رحمه الله يوم الانقطاع ) لأبي يوسف رحمه الله : أنه لما انقطع التحق بما لا مثل له فتعتبر قيمته يوم انعقاد السبب إذ هو الموجب ولمحمد رحمه الله : أن الواجب المثل في الذمة ، وإنما ينتقل إلى القيمة بالانقطاع فتعتبر قيمته يوم الانقطاع ، ولأبي حنيفة رحمه الله أن النقل لا يثبت بمجرد الانقطاع ، ولهذا لو صبر إلى أن يوجد جنسه ، له ذلك وإنما ينتقل بقضاء القاضي ، فتعتبر قيمته يوم الخصومة والقضاء ، بخلاف ما لا مثل له ; لأنه مطالب بالقيمة بأصل السبب كما وجد فتعتبر قيمته عند ذلك

قال : ( وما لا مثل له فعليه قيمته يوم غصبه ) معناه العدديات المتفاوتة ; لأنه لما تعذر مراعاة الحق في الجنس ، فيراعى في المالية وحدها دفعا للضرر بقدر الإمكان ، أما العددي المتقارب فهو كالمكيل ، حتى يجب مثله لقلة التفاوت [ ص: 398 ] وفي البر المخلوط بالشعير القيمة ; لأنه لا مثل له .


[ ص: 389 - 397 ] كتاب الغصب

التالي السابق


الخدمات العلمية