نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 5 ] كتاب القسمة

القسمة في الأعيان المشتركة مشروعة ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام باشرها في المغانم والمواريث وجرى التوارث بها من غير نكير ، ثم هي لا تعرى عن معنى المبادلة لأن ما يجتمع لأحدهما بعضه كان له ، وبعضه كان لصاحبه فهو يأخذه عوضا عما بقي من حقه في نصيب صاحبه فكان مبادلة وإفرازا .

والإفراز هو الظاهر في المكيلات والموزونات لعدم التفاوت ، حتى كان لأحدهما أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه ، ولو اشترياه فاقتسماه ببيع أحدهما نصيبه مرابحة بنصف الثمن . [ ص: 6 ] ومعنى المبادلة هو الظاهر في الحيوانات والعروض للتفاوت ، حتى لا يكون لأحدهما أخذ نصيبه عند غيبة الآخر ، ولو اشترياه فاقتسماه لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة ، إلا أنها إذا كانت من جنس واحد أجبر القاضي على القسمة عند طلب أحد الشركاء ; لأن فيه معنى الإفراز لتقارب المقاصد ، والمبادلة مما يجري فيه الجبر كما في قضاء الدين ، وهذا ; لأن أحدهم يطلب القسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير عن الانتفاع بملكه فيجب على القاضي إجابته ، وإن كانت أجناسا مختلفة لا يجبر القاضي على قسمتها لتعذر المعادلة باعتبار فحش التفاوت في المقاصد ولو تراضوا عليها جاز ; لأن الحق لهم .


[ ص: 5 ] كتاب القسمة

الحديث الأول : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم باشر القسمة في المغانم والمواريث ، وجرى التوارث بها من غير نكير ; قلت أما قسمة المغانم ، وأما قسمة المواريث ، فمنها ما أخرج البخاري عن هذيل بن شرحبيل ، قال : { سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة ، وابنة ابن ، وأخت ، فقال : للبنت النصف ، وللأخت النصف ، وأت ابن مسعود ، فسيتابعني ، فسئل ابن مسعود ، وأخبر بقول أبي موسى ، فقال : { قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين }. أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم : للابنة النصف ، ولبنت الابن السدس ، تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت ، فأتينا أبا موسى ، فأخبرناه بقول ابن مسعود ، فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم }انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله { أن امرأة سعد بن الربيع ، قالت : يا رسول الله إن سعدا هلك ، وترك ابنتين ، وأخاه ، فعمد أخوه ، فقبض ما ترك سعد ، وإنما تنكح النساء على أموالهن ، فقال عليه السلام : ادع لي أخاه ، فجاء ، فقال : ادفع إلى ابنتيه الثلثين ، وإلى امرأته الثمن ، ولك ما بقي }انتهى .

ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح [ ص: 6 ] الإسناد ، ولم يخرجاه .

{ حديث آخر } : أخرجه النسائي عن عبد الله بن شداد { عن ابنة حمزة ، قالت : مات مولى لي ، وترك ابنة ، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته ، فجعل لي النصف ، ولها النصف }انتهى .

وفيه كلام ، تقدم في " الولاء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية