نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس إلا أنه يكره هذا الذبح ) وقال الشافعي رحمه الله المذبوح [ ص: 44 ] ميتة لقوله عليه الصلاة والسلام : { كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة }ولأنه فعل غير مشروع ، فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع . [ ص: 45 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { أنهر الدم بما شئت }.

ويروى { أفر الأوداج بما شئت }وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك ; ولأنه آلة جارحة فيحصل به ما هو المقصود ، وهو إخراج الدم وصار كالحجر والحديد ، بخلاف غير المنزوع ; لأنه يقتل بالثقل فيكون في معنى المنخنقة ، وإنما يكره ; لأن فيه استعمال جزء الآدمي ولأن فيه إعسارا على الحيوان ، وقد أمرنا فيه بالإحسان .


[ ص: 43 ] الحديث الثامن : قال عليه السلام : { كل ما أنهر الدم ، وأفرى الأوداج ، ما خلا الظفر ، والسن ، فإنها مدى الحبشة }; قلت : هو ملفق من حديثين ، فروى الأئمة الستة من حديث { رافع بن خديج ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلت : يا رسول الله إنا نكون في المغازي فلا تكون معنا مدى ، فقال : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوا ، ما لم يكن سنا أو ظفرا ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم ، وأما الظفر [ ص: 44 ] فمدى الحبشة }انتهى . أخرجوه مختصرا ، ومطولا .

الثاني : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج ، عمن حدثه { عن رافع بن خديج ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليطة ، فقال : كل ما أفرى الأوداج إلا سنا أو ظفرا }انتهى .

وقد تقدم في السابع ، قال ابن القطان في " كتابه " بعد أن ذكره باللفظ الأول من جهة مسلم : هذا حديث يرويه مسلم من حديث سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج ، قال : كنا ، الحديث ، قال : وهكذا رواه عمر بن سعيد أخو سفيان الثوري ، قال : والشك فيه في شيئين : في اتصاله ، وفي قوله : أما السن فعظم ، هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو لا ؟ فقد رواه أبو داود عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري ، عن عباية بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده { رافع بن خديج ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : يا رسول الله إنا نلقى العدو غدا ، وليس عندنا مدى ، أفنذبح بالمروة ، وشقة العصا ؟ فقال عليه السلام : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه ، ما لم يكن سنا ، أو ظفرا } ، قال رافع : وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة ، قال : فهذا كما ترى ، فيه زيادة رفاعة بين عباية وجده رافع ، وفيه إثبات قوله : أما السن من كلام رافع ، وليس في حديث مسلم من رواية الثوري ، وأخيه عن أبيهما ذكر لسماع عباية من جده رافع ، إنما جاءا به معنعنا ، فبين أبو الأحوص أن بينهما واحدا ، وإن كان الترمذي قد قال : إن عباية سمع من جده رافع ، ولكن ليس في ذلك أنه سمع منه هذا الحديث ، ولم يكن أيضا في حديث مسلم أن قوله : أما السن من كلام النبي صلى الله عليه وسلم نصا ، فبينه أبو الأحوص من قول رافع ، لأنه محتمل ، قال : وليس لأحد أن يقول : أخطأ أبو الأحوص ، إلا كان الآخر أن يقول : أخطأ من خالفه ; لأنه ثقة انتهى .

[ ص: 45 ] الحديث التاسع : قال عليه السلام : { أنهر الدم بما شئت } ، ويروى : { أفر الأوداج بما شئت }; قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن سماك بن حرب عن مري بن قطري { عن عدي بن حاتم ; قلت : يا رسول الله أرأيت أحدنا أصاب صيدا ، وليس معه سكين ، أنذبح بالمروة ، وشقة العصا ؟ فقال : أمرر الدم بما شئت ، واذكر اسم الله }انتهى وفي لفظ النسائي : أنهر ، وكذلك أحمد في " مسنده " قال الخطابي : ويروى : أمرر ، قال : والصواب أمر ساكن الميم ، خفيف الراء أي أسله انتهى .

قلت : وبهذا اللفظ رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس والستين ، من القسم الثالث ; والحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، قال السهيلي في " الروض الأنف " : أمر الدم بكسر الميم أي أسله ، يقال : دم مائر : أي سائل ، قال هكذا رواه النقاش ، وفسره ، ورواه أبو عبيد بسكون الميم جعله من مريت الضرع ، والأول أشبه بالمعنى انتهى .

وجمع الطبراني في " معجمه " بين الروايات الثلاثة ، وفيه رواية رابعة عند النسائي في " سننه الكبرى " أهرق .

التالي السابق


الخدمات العلمية