نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 58 ] قال : ( ولا يجوز أكل الحمر الأهلية والبغال ) لما روى خالد بن الوليد رضي الله عنه [ ص: 59 ] { أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير }. [ ص: 60 ] وعن علي رضي الله عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام أهدر المتعة وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر }.


الحديث السابع عشر : روى خالد بن الوليد { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل ، والبغال ، والحمير }; قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن بقية حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد [ ص: 59 ] قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل ، والبغال ، والحمير }انتهى . بلفظ ابن ماجه ، ولفظ أبي داود ، قال : { غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، فأتت اليهود ، فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها ، وحرام عليكم الحمر الأهلية ، وخيلها ، وبغالها ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير } ، انتهى .

وعنده بقية عن ثور لم يقل فيه : حدثني ، وكذلك رواه الواقدي في " المغازي " حدثني ثور بن يزيد عن صالح به ، بلفظ أبي داود ، ثم قال الواقدي : ثبت عندنا أن خالدا لم يشهد خيبر ، وأسلم قبل الفتح ، هو ، وعمرو بن العاص ، وعثمان بن أبي طلحة ، أول يوم من صفر سنة ثمان انتهى كلامه .

ورواه أحمد في " مسنده " ، والطبراني في معجمه " ، والدارقطني في " سننه " ، قال أبو داود : هذا منسوخ ، وقال النسائي : لا أعلم رواه غير شعبة ، ويشبه إن كان صحيحا أن يكون منسوخا ; لأن قوله : في حديث جابر ، وأذن في لحوم الخيل دليل على ذلك انتهى .

وأخرجه الطبراني في " معجمه " أيضا عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن صالح به ; وأخرجه أيضا عن سعيد بن غزوان عن صالح به ، وأخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا ثور بن يزيد به ، ونقل عن موسى بن هارون أنه قال : لا يعرف صالح بن يحيى ، ولا أبوه إلا بجده ، وهذا حديث ضعيف ، وزعم الواقدي أن خالد بن الوليد أسلم بعد فتح خيبر انتهى .

ثم أخرجه عن عمرو بن هارون البلخي ثنا ثور بن يزيد عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد بن الوليد ، فذكره ، قال : لم يذكر في إسناده صالحا ، وهذا إسناد مضطرب ، وقال البخاري في " تاريخه " : صالح بن يحيى بن المقدام فيه نظر ، وقال البيهقي في " المعرفة " : إسناده مضطرب ، وهو مخالف لحديث الثقات انتهى .

وقال صاحب " التنقيح " : وقد تابع شعبة على رواية هذا الحديث الواقدي ، ومحمد بن حمير عن ثور ، فقال : عن صالح سمع جده .

وقال الواقدي : عن أبيه عن جده ، [ ص: 60 ] ورواه عمرو بن هارون البجلي عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد ، وقد رواه عن صالح سليمان بن سليم ، وهو ثقة ، وصالح هذا روى عنه جماعة ، وقال البخاري : فيه نظر ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : يخطئ انتهى .

{ حديث آخر } : في تحريم البغال والحمير ، أخرجه الحاكم في " المستدرك في الذبائح " عن يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير ، وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله { أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمر ، والبغال ، والخيل فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمر ، والبغال ، ولم ينههم عن الخيل }انتهى . وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .

الحديث الثامن عشر : روى علي رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر المتعة ، وحرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر }; قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن عبد الله ، والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل الحمر الإنسية }انتهى . ذكره البخاري في " غزوة خيبر " ، ومسلم في " الذبائح " ، وأخرجاه في " النكاح " أيضا كذلك ، وفي لفظ للبخاري : عام خيبر ، وفي لفظ له : زمن خيبر . حديث مخالف : أخرج أبو داود في " الأطعمة " عن منصور عن عبيد أبي الحسن عن عبد الله بن معقل { عن غالب بن أبجر ، قال : أصابتنا سنة ، فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا شيئا من حمر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية ، فأتيته فقلت : يا رسول الله ، أصابتنا السنة ، ولم يكن عندي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر ، وإنك حرمت لحوم الحمر الأهلية ، فقال : أطعم أهلك من سمين حمرك ، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية }انتهى . وفي إسناده اختلاف كثير ، فمنهم من يقول : عن [ ص: 61 ] عبيد أبي الحسن ، ومنهم من يقول : عبيد بن الحسن ، ومنهم من يقول : عن عبد الله بن معقل ، ومنهم من يقول : عبد الرحمن بن معقل ، ومنهم من يقول : عن ابن معقل ، وغالب بن أبجر ، ويقال : أبجر بن غالب ، ومنهم من يقول : غالب بن ذريح ، ومنهم من يقول : غالب بن ذيخ ، ومنهم من يقول : عن أناس من مزينة عن غالب بن أبجر ، ومنهم من يقول : عن أناس من مزينة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول : إن رجلين سألا النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الاختلافات بعضها في " معجم الطبراني " ، وبعضها في " مصنف ابن أبي شيبة وعبد الرزاق " ، وبعضها في " مسند البزار " ، وقال البزار : ولا يعلم لغالب بن أبجر غير هذا الحديث ، وقد اختلف فيه ، فبعض أصحاب عبيد بن الحسن يقول : عن غالب بن أبجر ، وبعضهم يقول : عن أبجر بن غالب ، وبعضهم يقول : عن غالب بن ذريح ، وبعضهم يقول : عن غالب بن ذيخ انتهى .

وكذلك اختلف في متنه ، فمنهم من يقول : { كل من سمين مالك ، وأطعم أهلك } ، ومنهم من يقول : { كل من سمين مالك }فقط ، ومنهم من يقول : { أطعم أهلك من سمين مالك }فقط ، قال البيهقي في " المعرفة " : حديث غالب بن أبجر إسناده مضطرب ، وإن صح ، فإنما رخص له عند الضرورة ، حيث تباح الميتة ، كما في لفظه انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية