نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ) وقال مالك رحمه الله وجماعة من أهل العلم بإطلاق جميع ما في البحر ، واستثنى بعضهم الخنزير والكلب والإنسان .

وعن الشافعي رحمه الله أنه أطلق ذلك كله ، والخلاف في الأكل والبيع واحد ، لهم قوله تعالى{ أحل لكم صيد البحر }من غير فصل ، وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر { هو الطهور ماؤه والحل ميتته }ولأنه لا دم في هذه الأشياء ; إذ الدموي لا يسكن الماء ، والمحرم هو الدم فأشبه السمك . [ ص: 66 ] قلنا قوله تعالى: { ويحرم عليهم الخبائث }وما سوى السمك خبيث ، ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن دواء يتخذ فيه الضفدع ونهى عن بيع السرطان ، والصيد المذكور فيما روي محمول على الاصطياد ، وهو مباح فيما لا يحل ، والميتة المذكورة فيما روي محمولة على السمك وهو حلال مستثنى من ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام : { أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك [ ص: 67 ] والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال }.


الحديث الحادي والعشرون : قال عليه السلام في البحر : { هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته }; قلت : تقدم في " الطهارة " . [ ص: 66 ] الحديث الثاني والعشرون : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دواء يتخذ فيه الضفدع }; قلت : أخرجه أبو داود في " الطب وفي الأدب " ، والنسائي في " الصيد " عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي { أن طبيبا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضفدع يجعلها في دواء ، فنهى عن قتلها }انتهى .

ورواه أحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، والحاكم في " المستدرك في الفضائل " عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، وسكت عنه ، وأعاده في " الطب " ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وقال البيهقي : هو أقوى ما ورد في الضفدع ، وسعيد بن خالد هو القارظي ضعفه النسائي ، ووثقه ابن حبان .

وقال الدارقطني : مدني ، يحتج به ، قال المنذري في " حواشيه " : فيه دليل على تحريم أكل الضفدع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله ، والنهي عن قتل الحيوان ، إما لحرمته ، كالآدمي ، وإما لتحريم أكله كالصرد ، والهدهد والضفدع ، ليس بمحترم ، فكان النهي منصرفا إلى الوجه الآخر انتهى كلامه .

وجهل من عزا هذا الحديث للبيهقي ، وترك سنن أبي داود ، والنسائي ، والله أعلم .

الحديث الثالث والعشرون : روي { أنه عليه السلام نهى عن بيع السرطان }; قلت : غريب جدا .

الحديث الرابع والعشرون : قال عليه السلام : { أحلت لنا ميتتان ودمان : أما الميتتان فالسمك ، والجراد ، وأما الدمان ، فالكبد والطحال }; قلت : أخرجه ابن ماجه في " كتاب الأطعمة " عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، قال قال رسول الله [ ص: 67 ] صلى الله عليه وسلم : أحلت لنا ، إلى آخره سواء .

ورواه أحمد ، والشافعي ، وعبد بن حميد في " مسانيدهم " ; ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " ، وأعله بعبد الرحمن ، وقال : إنه كان يقلب الأخبار ، وهو لا يعلم ، حتى كثر ذلك في روايته من رفع الموقوفات ، وإسناد المراسيل ، فاستحق الترك ، انتهى .

وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الله ، وعبد الرحمن ابني زيد بن أسلم عن أبيهما ، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله فقط ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ضعيفان ، إلا أن أحمد وثق عبد الله ، أسند ابن عدي إلى أحمد بن حنبل أنه قال : عبد الله ثقة ، وأخواه عبد الرحمن ، وأسامة ضعيفان ، قال ابن عدي : وهذا الحديث يدور على هؤلاء الإخوة الثلاثة ، وأسند ابن معين أنه قال : ثلاثتهم ضعفاء ، ليس حديثهم بشيء ، وأسند عن السعدي أنه قال : هم ضعفاء في غير خربة في دينهم ، قال ابن عدي : وابن وهب يرويه عن سليمان بن بلال موقوفا قال في " التنقيح " : وهو موقوف في حكم المرفوع ، وقال الدارقطني في " علله " : وقد رواه المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه ابن زيد بن أسلم ، فرواه عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا ، وغير ابن زيد يرويه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفا ، وهو الصواب ، انتهى .

قال في " التنقيح " : وهذه الطريق رواها الخطيب بإسناد إلى المسور بن الصلت ، والمسور ضعفه أحمد ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وقال النسائي : متروك الحديث انتهى .

قلت : وله طريق آخر ، قال ابن مردويه في " تفسيره في سورة الأنعام " : حدثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمد بن بشر بن مطر ثنا داود بن راشد ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا أبو هشام الأيلي ، قال : سمعت زيد بن أسلم يحدث عن ابن عمر ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحل من الميتة اثنتان ، ومن الدم اثنان : فأما الميتة فالسمك ، والجراد ، وأما الدم ، فالكبد والطحال }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية