نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 86 ] قال : ( ولا تجزئ مقطوعة الأذن والذنب ) أما الأذن فلقوله عليه الصلاة والسلام : " { استشرفوا العين والأذن }" أي اطلبوا سلامتهما ، وأما الذنب فلأنه عضو كامل مقصود فصار كالأذن .

قال : ( ولا التي ذهب أكثر أذنها وذنبها وإن بقي أكثر الأذن والذنب [ ص: 87 ] جاز ) ; لأن للأكثر حكم الكل بقاء وذهابا ، ولأن العيب اليسير لا يمكن التحرز عنه فجعل عفوا . واختلفت الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله في مقدار الأكثر ، ففي الجامع الصغير عنه وإن قطع من الذنب أو الأذن أو العين أو الألية الثلث أو أقل أجزأه وإن كان أكثر لم يجزه ; لأن الثلث تنفذ فيه الوصية من غير رضا الورثة فاعتبر قليلا وفيما زاد لا تنفذ إلا برضاهم فاعتبر كثيرا ، ويروى عنه الربع ; لأنه يحكى حكاية الكمال على ما مر في الصلاة .

ويروى الثلث لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الوصية : " { الثلث والثلث كثير }" وقال أبو يوسف ومحمد : إذا بقي الأكثر من النصف أجزأه اعتبارا للحقيقة على ما تقدم في الصلاة ، وهو اختيار الفقيه أبي الليث وقال [ ص: 88 ] أبو يوسف : أخبرت بقولي أبا حنيفة فقال قولي هو قولك ، قيل : هو رجوع منه إلى قول أبي يوسف ، وقيل : معناه قولي قريب من قولك ، وفي كون النصف مانعا روايتان عنهما كما في انكشاف العضو عن أبي يوسف ، ثم معرفة المقدار في غير العين متيسر ; وفي العين قالوا : تشد العين المعينة بعد أن لا تعتلف الشاة يوما أو يومين ، ثم يقرب العلف إليها قليلا قليلا فإذا رأته من موضع أعلم على ذلك المكان ثم تشتد عينها الصحيحة وقرب إليها العلف قليلا قليلا حتى إذا رأته من مكان أعلم عليه ، ثم ينظر إلى تفاوت ما بينهما ، فإن كان ثلثا فالذاهب الثلث وإن كان نصفا فالنصف .


الحديث التاسع : قال عليه السلام : " { استشرفوا العين والأذن }" ; قلت : روي من حديث علي ; ومن حديث حذيفة . فحديث علي : أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن أبي إسحاق عن شريح بن النعمان عن علي ، قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن }انتهى

قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : إسناده صحيح ، ورووه أيضا إلا أبا داود عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن [ ص: 87 ] علي بنحوه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والثمانين ، من القسم الأول ; والحاكم في " المستدرك " ، وصحح إسناده أيضا ، وقال : لم يحتج الشيخان بحجية بن عدي ، وهو من كبار أصحاب علي . وأما حديث حذيفة : فأخرجه البزار في " مسنده " ، والطبراني في " معجمه الأوسط " عن محمد بن كثير الملائي القرشي ثنا أبو سنان سعيد بن سنان عن أبي إسحاق الشيباني عن صلة بن زفر عن حذيفة ، قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن نستشرف العين والأذن }انتهى

بلفظ البزار ، قال الطبراني : قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استشرفوا العين والأذن }انتهى

وقال : لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد ، وكذلك قال البزار : وزاد ، وقد روي عن علي من غير وجه ، انتهى

الحديث العاشر : حديث سعد بن أبي وقاص : " { والثلث كثير }" أخرجه الأئمة الستة ، [ ص: 88 ] وسيأتي في " الوصايا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية