نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 131 ] قال : ( وينظر الرجل من الرجل إلى جميع بدنه إلا ما بين سرته إلى ركبته ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته }" ، ويروى : " { ما دون سرته حتى يجاوز ركبتيه }" وبهذا ثبت أن السرة ليست بعورة خلافا لما يقوله أبو عصمة والشافعي رحمه الله ، والركبة عورة خلافا لما قاله الشافعي ، والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر ، وما دون السرة إلى منبت الشعر عورة خلافا لما يقوله الإمام أبو بكر محمد بن الفضل الكماري رحمه الله معتمدا فيه العادة ; لأنه لا معتبر بها مع النص بخلافه ، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال " { الركبة من العورة }" ، وأبدى الحسن بن علي رضي الله عنهما سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه ، [ ص: 132 ] وقال لجرهد : { وار فخذك ، أما علمت أن الفخذ عورة }" ، ولأن الركبة ملتقى عظم الفخذ والساق فاجتمع المحرم والمبيح وفي مثله يغلب المحرم وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ ، وفي الفخذ أخف منه في السوأة حتى إن كاشف الركبة ينكر عليه برفق ، وكاشف الفخذ يعنف عليه وكاشف السوأة يؤدب إن لج


الحديث السابع عشر : روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الركبة من العورة }; قلت : غريب من حديث أبي هريرة ، وتقدم في " شروط الصلاة " من حديث علي عند الدارقطني ، وفيه ضعف .

الحديث الثامن عشر : وأبدى الحسين بن علي سرته ، فقبلها أبو هريرة ; قلت : رواه أحمد في " مسنده " ، وابن حبان في " صحيحه " ، والبيهقي في " سننه " عن أبي عون عن عمير بن إسحاق ، قال : كنت أمشي مع الحسن بن علي في بعض طرق المدينة ، فلقينا أبو هريرة ، فقال للحسن : اكشف لي عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله ، قال : فكشف عن بطنه ، فقبل سرته ، ولو كانت من العورة [ ص: 132 ] ما كشفها انتهى

وكذلك رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " ، ومن طريقه ابن حبان أخبرنا شريك عن ابن عون به ، وسند أحمد حدثنا إسماعيل عن ابن عون به ، وفي " معجم الطبراني " خلاف هذا ، حدثنا أبو مسلم الكشي ثنا أبو عاصم عن ابن عون عن عمير بن إسحاق { أن أبا هريرة لقي الحسن بن علي رضي الله عنهم ، فقال له : ارفع ثوبك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ، فرفع عن بطنه ووضع يده على سرته }انتهى

الحديث التاسع عشر : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجرهد : " { أما علمت أن الفخذ عورة ؟ }" ; قلت : رواه أبو داود في " الحمام " من طريق مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه ، عن : جرهد من أصحاب الصفة أنه قال : { جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا ، وفخذي منكشفة ، فقال : أما علمت أن الفخذ عورة }؟ " انتهى .

وأخرجه الترمذي في " الاستئذان " عن سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد ، قال : { مر النبي صلى الله عليه وسلم بجرهد في المسجد ، وقد انكشف فخذه ، فقال : إن الفخذ عورة }انتهى ، وقال : حديث حسن ، وما أرى إسناده بمتصل ، ثم أخرجه عن عبد الرزاق ثنا معمر عن أبي الزناد ، قال : أخبرني ابن جرهد عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : غط فخذك ، فإنها من العورة }انتهى

وقال أيضا : حديث حسن ، ثم أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد الأسلمي عن أبيه { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفخذ عورة }انتهى

وقال : حديث حسن غريب من هذا الوجه انتهى . وبسند أبي داود رواه أحمد في " مسنده " ، وابن حبان في " صحيحه " في النوع الثامن والسبعين ، من القسم الأول ، [ ص: 133 ] وزرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي وثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : من زعم أنه زرعة بن مسلم بن جرهد فقد وهم انتهى

ورواه الدارقطني في " سننه في آخر الطهارة " من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد حدثني آل جرهد عن جرهد ، ورواه الحاكم في " المستدرك في كتاب اللباس " عن سفيان عن سالم أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد ، فذكره ; وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى .

قال ابن القطان في " كتابه " : وحديث جرهد له علتان : إحداهما : الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به ، وذلك أنهم مختلفون فيه ، فمنهم من يقول : زرعة بن عبد الرحمن ، ومنهم من يقول : زرعة بن عبد الله ، ومنهم من يقول : زرعة بن مسلم ، ثم من هؤلاء من يقول : عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من يقول : عن أبيه عن جرهد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول : زرعة عن آل جرهد عن جرهد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وإن كنت لا أرى الاضطراب في الإسناد علة ، فإنما ذلك إذا كان من يدور عليه الحديث ثقة ، فحينئذ لا يضره اختلاف النقلة عليه إلى مرسل ومسند ، أو رافع وواقف ، أو واصل وقاطع ; وأما إذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة ، أو غير معروف ، فالاضطراب يوهنه ، أو يزيده وهنا وهذه حال هذا الخبر ، وهي العلة الثانية أن زرعة ، وأباه غير معروفي الحال ، ولا مشهوري الرواية انتهى كلامه .

أحاديث الباب : أخرج أبو داود عن حجاج عن ابن جريج ، قال : أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تكشف فخذك ، ولا تنظر إلى فخذ حي أو ميت }انتهى

قال أبو داود : حديث فيه نكارة انتهى . وأخرجه ابن ماجه في " الجنائز " عن روح بن عبادة عن ابن جريج عن حبيب به ، قال الشيخ في " الإمام " : ورواية أبي داود تقتضي أن ابن جريج لم يسمعه من [ ص: 134 ] حبيب ، وأن بينهما رجلا مجهولا انتهى .

وبسند ابن ماجه رواه الحاكم في " المستدرك في اللباس " ، وسكت عنه ; ورواه الدارقطني في " سننه في آخر الصلاة " ، وفيه أخبرني حبيب بن أبي ثابت ، ويراجع ، قال ابن القطان في " كتابه " : وقد ضعف هذا الحديث أبو حاتم في " علله " ، وقال : إن ابن جريج لم يسمعه من حبيب ، ولا حبيب من عاصم ، وعاصم وثقه العجلي ، وابن المديني ، وابن معين ، وقال النسائي : ليس به بأس ، وتكلم فيه ابن عدي ، وابن حبان ، انتهى

{ حديث آخر } : أخرجه الترمذي عن إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الفخذ عورة } ، انتهى

وقال : حديث حسن غريب انتهى . وأخرجه الحاكم في " المستدرك " ، ولفظه : قال : { مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل فرأى فخذه مكشوفة ، فقال : غط فخذك ، فإن فخذ الرجل من عورته }انتهى

وسكت عنه ، قال ابن القطان في " كتابه " : وأبو يحيى القتات اختلف في اسمه ، فقيل : زاذان ، وقيل : دينار ، وقيل : عبد الرحمن ، وقيل : غير ذلك ، ضعفه شريك ، ويحيى في رواية ، ووثقه في رواية أخرى ، وقال أحمد : روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدا ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال ابن حبان : فحش خطؤه ، وكثر وهمه ، حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات انتهى

ورواه أحمد في " مسنده " والبيهقي في " سننه " ، والطبراني في " معجمه " . [ ص: 135 ]

{ حديث آخر } : رواه أحمد في " مسنده " حدثنا هشيم ثنا حفص بن ميسرة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن عبد الله بن جحش . عن محمد بن عبد الله بن جحش ، قال : { كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر علي معمر وهو جالس على باب داره ، وفخذه مكشوفة ، فقال له : يا معمر غط فخذك ، فإن الفخذ عورة }انتهى

وهذا مسند صالح ورواه الطبراني في " معجمه " من ست طرق دائرة على العلاء قبل ، ورواه الطحاوي ، وصححه ، ورواه الحاكم في " المستدرك في الفضائل " ، وسكت عنه ، ورواه البخاري في " تاريخه الكبير " . حديث مخالف لما تقدم : أخرجه البخاري في " صحيحه " عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر ، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس ، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة ، وأنا رديف أبي طلحة ، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ، ثم حسر الإزار عن فخذه ، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل القرية قال : الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم ، فساء صباح المنذرين }انتهى ، ورواه مسلم بلفظ : فانحسر الإزار ، وليس فيه شيء ، قال النووي في " الخلاصة " : وهذه الرواية تبين رواية البخاري ، وأن المراد انحسر بغير اختياره ، لضرورة الإجراء انتهى

أخرجه مسلم في " النكاح وفي المغازي "

التالي السابق


الخدمات العلمية