نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل في الاستبراء وغيره قال : ( ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها ولا يلمسها ولا يقبلها ولا ينظر [ ص: 146 ] إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس : " { ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة }" أفاد وجوب الاستبراء على المولى ، ودل على السبب في المسبية ، وهو استحداث الملك واليد ; لأنه هو الموجود في مورد النص . وهذا ; لأن الحكمة فيه التعرف عن براءة الرحم صيانة للمياه المحترمة عن الاختلاط والأنساب عن الاشتباه ، وذلك عند حقيقة الشغل أو توهم الشغل بماء محترم ، وهو أن يكون الولد ثابت النسب ، ويجب على المشتري لا على البائع ; لأن العلة [ ص: 147 ] الحقيقية إرادة الوطء ، والمشتري هو الذي يريده دون البائع ، فيجب عليه غير أن الإرادة أمر مبطن فيدار الحكم على دليلها ، وهو التمكن من الوطء ، والتمكن إنما يثبت بالملك واليد فانتصب سببا وأدير الحكم عليه تيسيرا ، فكان السبب استحداث ملك الرقبة المؤكد باليد وتعدى الحكم إلى سائر أسباب الملك كالشراء والهبة والوصية والميراث والخلع والكتابة وغير ذلك ، وكذا يجب على المشتري من مال الصبي ; ومن المرأة ، ومن المملوك ، وممن لا يحل له وطؤها ، وكذا إذا كانت المشتراة بكرا لم توطأ ، لتحقق السبب وإدارة الأحكام على الأسباب دون الحكم لبطونها فيعتبر تحقق السبب عند توهم الشغل ، وكذا لا يجتزأ بالحيضة التي اشتراها في أثنائها ، ولا بالحيضة التي حاضتها بعد الشراء أو غيره من أسباب الملك قبل القبض ، ولا بالولادة الحاصلة بعدها قبل القبض خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى; لأن السبب استحداث الملك واليد والحكم لا يسبق السبب ، وكذا لا يجتزأ بالحاصل قبل الإجارة في بيع الفضولي ، وإن كانت في يد المشتري ، ولا بالحاصل بعد القبض في الشراء الفاسد قبل أن يشتريها شراء صحيحا لما قلنا .


فصل في الاستبراء

الحديث السادس والعشرون : قال عليه السلام في سبايا أوطاس : { ألا لا توطأ [ ص: 146 ] الحبالى حتى يضعن حملهن ، ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة }" ; قلت : أخرجه أبو داود في " النكاح " عن شريك عن قيس بن وهب عن الوداك عن الخدري ، ورفعه { أنه قال في سبايا أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة }انتهى .

ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح ، على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وأعله ابن القطان في " كتابه " بشريك ، وقال : إنه مدلس ، وهو ممن ساء حفظه بالقضاء ، وعن الحاكم رواه البيهقي في " المعرفة في السير " وله طريق أخرى مرسلة ، قال ابن أبي شيبة في " مصنفه " : حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود ، قال : قلت للشعبي : إن أبا موسى نهى يوم فتح تستر ، أن لا توطأ الحبالى ، ولا يشارك المشركون في أولادهم ، فإن الماء يزيد في الولد ، هو شيء قاله برأيه ، أو رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع ، أو حائل حتى تستبرأ }انتهى .

وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " : أخبرنا سفيان الثوري عن زكريا عن الشعبي ، { قال : أصاب المسلمون نساء يوم أوطاس ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقعوا على حامل حتى تضع ، ولا على غير حامل حتى تحيض حيضة }انتهى .

أحاديث الباب : روى أبو داود حدثنا النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري ، { قال : قام فينا خطيبا ، فقال : أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول [ ص: 147 ] الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال : لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يسقي ماءه زرع غيره يعني إتيان الحبالى ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم }انتهى . حدثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية عن ابن إسحاق بهذا الحديث ، وقال : حتى يستبرئها بحيضة انتهى . قال أبو داود : الحيضة ليست بمحفوظة انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع التاسع والمائة ، من القسم الثاني ، ويراجع .

[ ص: 148 ] حديث آخر } : قال ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص عن حجاج عن عبد الله بن زيد عن علي ، { قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع ، أو الحائل حتى تستبرأ بحيضة }انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن مسلم الجندي عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ حامل حتى تضع . أو حائل حتى تحيض }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية