نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 168 ] قال : ( ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها ) وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا : لا بأس ببيع أرضها أيضا ، وهذا رواية عن أبي حنيفة رحمه الله ; لأنها مملوكة لهم لظهور الاختصاص الشرعي بها فصار كالبناء ، ولأبي حنيفة قوله عليه الصلاة والسلام : " { ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها ولا تورث }" ولأنها حرة محترمة ; لأنها فناء الكعبة ، وقد ظهر آية أثر التعظيم فيها ، حتى لا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ، فكذا في حق البيع بخلاف البناء ; لأنه خالص ملك الباني .


الحديث السادس والثلاثون : قال عليه السلام : " { مكة حرام ، لا تباع رباعها ، ولا تورث }" ; قلت : أخرج الحاكم في " المستدرك في البيوع " ، وكذلك الدارقطني في " سننه " عن إسماعيل بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مكة مناخ لا يباع رباعها ، ولا يؤاجر بيوتها }انتهى .

قال الحاكم : [ ص: 169 ] حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه وقال الدارقطني : إسماعيل بن مهاجر ضعيف ، ولم يروه غيره انتهى .

وذكره ابن القطان في " كتابه " من جهة الدارقطني ، وأعله بإسماعيل بن مهاجر . قال : قال البخاري : منكر الحديث ، انتهى .

ورواه ابن عدي ، والعقيلي في " كتابيهما " ، وأعله بإسماعيل ، وأبيه ، وقالا في إسماعيل : لا يتابع عليه انتهى .

وقال صاحب " التنقيح " : إسماعيل بن مهاجر هذا هو البجلي الكوفي ، وهو من رجال مسلم ، وقال الثوري : لا بأس به ، وضعفه ابن معين ، وكذلك أبوه ضعفوه ، وقال أحمد : أبوه أقوى منه انتهى .

وأخرجه الحاكم ، والدارقطني أيضا عن أبي حنيفة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، { قال : إن الله حرم مكة ، فحرام بيع رباعها ، وثمنها ، وقال : من أكل من أجر بيوت مكة شيئا ، فإنما يأكل نارا }انتهى .

وفي لفظ للدارقطني ، قال : مكة حرام ، وحرام بيع رباعها ، وأجر بيوتها انتهى .

وسكت عنه الحاكم ، وجعله شاهدا لحديث ابن مهاجر ، وقال الدارقطني : هكذا رواه أبو حنيفة ، ووهم في موضعين : أحدهما قوله : عبيد الله بن أبي يزيد ، وإنما هو ابن أبي زياد القداح ، والثاني في رفعه ، والصحيح موقوف ، ثم أخرجه عن عيسى بن يونس ثنا عبيد الله بن أبي زياد حدثني أبو نجيح عن عبد الله بن عمرو ، قال : الذي يأكل كراء بيوت مكة إنما يأكل في بطنه نارا انتهى .

وذكر ابن القطان حديث أبي حنيفة من رواية محمد بن الحسن عنه ، وقال : علته ضعف أبي حنيفة ، ووهم في قوله : عبيد الله بن أبي يزيد ، إنما هو ابن أبي زياد ، ووهم أيضا في رفعه ، وخالفه الناس ، فرواه عيسى بن يونس ، ومحمد بن ربيعة عن عبيد الله بن أبي زياد ، وهو الصواب عن أبي نجيح عن ابن عمر .

وقوله : وقد رواه القاسم بن الحكم عن أبي حنيفة على الصواب ، وقال فيه : ابن أبي زياد ، فلعل الوهم من صاحبه محمد بن الحسن انتهى كلامه . قلت : أخرجه الدارقطني في " آخر الحج " عن أيمن بن نابل عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمر ، ورفع الحديث ، قال : { من أكل كراء بيوت مكة أكل الربا }انتهى . [ ص: 170 ] وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { مكة حرام ، حرمها الله لا تحل بيع رباعها ، ولا إجارة بيوتها }" انتهى .

حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد ، وعطاء ، وطاوس ، كانوا يكرهون أن يباع شيء من رباع مكة انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية