نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ومن اشترى جارية فولدت ولدا عنده فاستحقها رجل غرم الأب قيمة الولد يوم يخاصم ) لأنه ولد المغرور . فإن المغرور من يطأ امرأة معتمدا على ملك يمين أو نكاح فتلد منه ثم تستحق ، وولد المغرور حر بالقيمة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، ولأن النظر من الجانبين واجب ، فيجعل الولد حر الأصل في حق أبيه رقيقا في حق مدعيه نظرا لهما ، ثم الولد حاصل في يده من غير صنعه ، فلا يضمنه إلا بالمنع كما في ولد المغصوبة فلهذا تعتبر قيمة الولد يوم الخصومة لأنه يوم المنع .

( ولو مات الولد لا شيء على الأب ) لانعدام المنع ، وكذا لو ترك مالا لأن الإرث ليس ببدل عنه والمال لأبيه لأنه حر الأصل في حقه فيرثه ( ولو قتله الأب يغرم قيمته ) لوجود المنع ( وكذا لو قتله غيره فأخذ ديته ) لأن سلامة بدله له كسلامته ، ومنع بدله كمنعه فيغرم قيمته كما إذا كان حيا ( ويرجع بقيمة الولد على بائعه ) لأنه ضمن له سلامته كما يرجع بثمنه بخلاف العقد لأنه لزمه لاستيفاء منافعها فلا يرجع به على البائع والله أعلم بالصواب .


[ ص: 188 ] قوله : وولد المغرور حر بالقيمة ، بإجماع الصحابة ; قلت : غريب ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه في البيوع " حدثنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن عامر عن علي [ ص: 189 ] في رجل اشترى جارية فولدت منه أولادا ، ثم أقام رجل البينة أنها له ، قال : ترد عليه ، ويقوم عليه ولدها فيغرم الذي باعها ما غررها انتهى .

حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن ابن قسيط عن سليمان بن يسار أن أمة أتت قوما فغرتهم ، وزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل ، فولدت له أولادا فوجدوها أمة ، فقضى عمر بقيمة أولادها ، في كل مغرور غرة انتهى .

حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن خلاس أن أمة أتت طيئا فزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل ، ثم إن سيدها ظهر عليها ، فقضى عثمان أنها وأولادها لسيدها ، وجعل لزوجها ما أدرك من متاعه ، وجعل فيهم السنة ، في كل رأس رأسين انتهى . حدثنا يزيد بن هارون عن أشعث عن الشعبي ، قال : سألته عن جارية أتت قوما ، فزعمت أنها حرة ، فرغب فيها رجل ، فتزوجها ، فولدت له أولادا ، ثم علموا أنها أمة ، فجاء مولاها فأخذها ، قال : يأخذ المولى أمته ، ويفدي الأب أولاده بغرة غرة انتهى .

حدثنا الفضل بن دكين عن هشام بن سعد عن شيبة بن نصاح عن سعيد بن المسيب ، قال : في ولد كل مغرور غرة انتهى .

وفي " الموطإ في كتاب الأقضية " مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب ، أو عثمان بن عفان ، قضى أحدهما في أمة غرت رجلا بنفسها ، فذكرت أنها حرة ، فتزوجها ، فولدت له أولادا ، فقضى أن يفدي ولده بمثلهم ، قال مالك : وتلك القيمة عندي ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية