نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( وقال في المختصر : ونبيذ التمر والزبيب إذا طبخ كل واحد منهما أدنى طبخة حلال ) وإن اشتد إذا شرب منه ما يغلب على ظنه أنه لا يسكره من غير لهو ولا طرب ، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، وعند محمد والشافعي رحمهما اللهحرام ، والكلام فيه كالكلام في المثلث العنبي ، ونذكره إن شاء الله تعالى .

قال : ( ولا بأس بالخليطين ) لما روي عن ابن زياد أنه قال : سقاني [ ص: 230 ] ابن عمر رضي الله عنه شربة ما كدت أهتدي إلى منزلي فغدوت إليه من الغد فأخبرته بذلك فقال : ما زدناك على عجوة وزبيب وهذا نوع من الخليطين وكان مطبوخا ; لأن المروي عنه حرمة نقيع الزبيب وهي النيء منه ، وما روي أنه عليه الصلاة والسلام { نهى عن الجمع بين التمر والزبيب ، والزبيب والرطب والرطب والبسر }محمول على حالة الشدة وكان ذلك في الابتداء


الحديث الخامس : روي { أنه عليه السلام نهى عن الجمع بين التمر والزبيب ، والزبيب والرطب ، والرطب والبسر }; قلت : أخرج البخاري ، ومسلم وباقي الستة عن عطاء بن أبي رباح عن جابر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن ينبذ الزبيب ، والتمر جميعا ، ونهى أن ينبذ البسر والرطب جميعا }انتهى .

وأخرج الجماعة إلا الترمذي عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط الزبيب والتمر ، وعن خليط البسر والتمر ، وعن خليط الزهو والتمر ، وقال : انتبذوا كل واحد على حدة } ، انتهى .

وفي لفظ فيه لمسلم : { أن النبي قال : لا تنبذوا الزهو والرطب جميعا ، ولا تنبذوا الرطب والزبيب جميعا ، ولكن انتبذوا كل واحد على حدته ، }انتهى .

ولم يذكر البخاري فيه الرطب ، ولا البسر ، وأخرج مسلم عن يزيد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزبيب والتمر ، والبسر والتمر ، وقال : ينبذ كل واحد منهما على حدته }انتهى

وأخرج أيضا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : [ ص: 229 ] { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب جميعا ، وأن يخلط التمر والبسر جميعا }انتهى

وأخرج أيضا عن نافع عن ابن عمر ، قال : { نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعا ، والتمر والزبيب جميعا }انتهى

وأخرج أيضا عن أبي المتوكل عن الخدري ، قال : { نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخلط بسرا بتمر ، أو زبيبا بتمر ، أو زبيبا ببسر ، وقال : من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيبا فردا ، أو تمرا فردا ، أو بسرا فردا }انتهى .

قوله : وهو محمول على حالة الشدة ، فكان ذلك في الابتداء يعني النهي عن الخليطين في الحديث المتقدم ; قلت : المراد بالشدة هنا القحط ، ويؤيده ما رواه محمد [ ص: 230 ] بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ، قال : لا بأس بنبيذ خليط التمر والزبيب ، وإنما كرها لشدة العيش في الزمن الأول ، كما كره السمن واللحم ، وكما كره الإقران ، فأما إذا وسع الله على المسلمين فلا بأس به انتهى

وأخرج ابن عدي في " الكامل " عن عمر بن رديح ثنا عطاء بن أبي ميمونة { عن أم سليم ، وأبي طلحة أنهما كانا يشربان نبيذ الزبيب ، والبسر يخلطانه ، فقيل له : يا أبا طلحة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا ، قال : إنما نهى عن العوز في ذلك الزمان ، كما نهى عن الإقران }انتهى

وأعله بعمر بن رديح .

حديث آخر :

أخرجه أبو داود في " سننه " عن أبي بحر ، عبد الرحمن بن عثمان البكراوي عن عتاب بن عبد العزيز الحماني ، قال : { حدثتني صفية بنت عطية ، قالت : دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة ، فسألناها عن التمر والزبيب ، فقالت : [ ص: 231 ] كنت آخذ قبضة من تمر ، وقبضة من زبيب ، فألقيه في إناء ، فأمرسه ، ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم } ، انتهى .

والبكراوي فيه مقال .

التالي السابق


الخدمات العلمية