نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
فصل في طبخ العصير

والأصل : أن ما ذهب بغليانه بالنار وقذفه الزبد يجعل كأن لم يكن ويعتبر ذهاب ثلثي ما بقي ليحل الثلث الباقي ، بيانه : عشرة دوارق من عصير طبخ فذهب دورق بالزبد ، يطبخ الباقي حتى يذهب ستة دوارق ، ويبقى الثلث فيحل ; لأن الذي يذهب زبدا هو العصير أو ما يمازجه وأيا ما كان جعل كأن العصير تسعة دوارق فيكون ثلثها ثلاثة وأصل آخر : أن العصير إذا صب عليه ماء قبل الطبخ ، ثم طبخ بمائه إن كان الماء أسرع ذهابا لرقته ولطافته يطبخ الباقي بعد ما ذهب مقدار ما صب فيه من الماء حتى يذهب ثلثاه ; لأن الذاهب الأول هو الماء ، والثاني العصير فلا بد من ذهاب ثلثي العصير ، وإن كانا يذهبان معا تغلى الجملة متى يذهب ثلثاه ; ويبقى ثلثه فيحل ; لأنه ذهب الثلثان ماء وعصيرا والثلث الباقي ماء وعصير كما إذا صب الماء فيه بعد ما ذهب من العصير بالغلي ثلثاه ، بيانه : عشرة دوارق من عصير وعشرون دورقا من ماء ، ففي الوجه الأول يطبخ حتى يبقى [ ص: 243 ] تسع الجملة ; لأنه ثلث العصير ، وفي الوجه الثاني : حتى يذهب ثلثا الجملة لما قلنا ، والغلي بدفعة أو دفعات سواء إذا حصل قبل أن يصير محرما ، ولو قطع عنه النار فغلى حتى ذهب الثلثان يحل ; لأنه أثر النار ، وأصل آخر : أن العصير إذا طبخ فذهب بعضه ثم أهريق بعضه كم تطبخ البقية حتى يذهب الثلثان ؟ فالسبيل فيه أن تأخذ ثلث الجميع فتضربه في الباقي بعد المنصب ، ثم تقسمه على ما بقي بعد ذهاب ما ذهب بالطبخ قبل أن ينصب منه شيء فما يخرج بالقسمة فهو حلال ، بيانه : عشرة أرطال عصير طبخ حتى ذهب رطل ، ثم أهريق منه ثلاثة أرطال تأخذ ثلث العصير كله ، وهو ثلاثة وثلث وتضربه فيما بقي بعد المنصب ، وهو ستة فيكون عشرين ، ثم تقسم العشرين على ما بقي بعد ما ذهب بالطبخ منه قبل أن ينصب منه شيء وذلك تسعة ; فيخرج لكل جزء من ذلك اثنان وتسعان فعرفت أن الحلال فيما بقي منه رطلان وتسعان ، وعلى هذا تخرج المسائل ولها طريق آخر وفيما اكتفينا به كفاية وهداية إلى تخريج غيرها من المسائل ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية