نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 273 ] قال : ( ولا يصح الرهن إلا بدين مضمون ) لأن حكمه ثبوت يد الاستيفاء والاستيفاء يتلو الوجوب ، قال رضي الله عنه : ويدخل على هذا اللفظ الرهن بالأعيان المضمونة بأنفسها فإنه يصح الرهن بها ولا دين ، ويمكن أن يقال إن الواجب الأصلي فيها هو القيمة ورد العين مخلص على ما عليه أكثر المشايخ وهو دين ولهذا تصح الكفالة بها ، ولئن كان لا يجب إلا بعد الهلاك ولكنه يجب عند الهلاك بالقبض السابق ، ولهذا تعتبر قيمته يوم القبض فيكون رهنا بعد وجود سبب وجوبه فيصح كما في الكفالة ، ولهذا لا تبطل الحوالة المقيدة به بهلاكه بخلاف الوديعة . قال : ( وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته والدين سواء صار المرتهن مستوفيا لدينه وإن كانت قيمة الرهن أكثر فالفضل أمانة في يده ) ولأن المضمون بقدر ما يقع به الاستيفاء وذلك بقدر الدين ( فإن كانت أقل سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بالفضل ) لأن الاستيفاء بقدر المالية . وقال زفر رحمه الله : الرهن مضمون بالقيمة حتى لو هلك الرهن وقيمته يوم الرهن ألف وخمسمائة والدين ألف رجع الراهن على المرتهن بخمسمائة ، له حديث علي رضي الله عنه قال : يترادان الفضل في الرهن ولأن الزيادة على الدين مرهونة لكونها محبوسة به ، فتكون مضمونة اعتبارا بقدر الدين . [ ص: 274 ] ومذهبنا مروي عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم ، ولأن يد المرتهن يد الاستيفاء ، فلا توجب الضمان إلا بالقدر المستوفى كما في حقيقة الاستيفاء والزيادة مرهونة به ضرورة امتناع حبس الأصل بدونها ولا ضرورة في حق الضمان ، والمراد بالتراد فيما يروى حالة البيع فإنه روي عنه أنه قال : المرتهن أمين في الفضل .


قلت : قوله : عن علي رضي الله عنه أنه قال : يترادان الفضل في الرهن ; قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه في أثناء البيوع " أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن الحكم عن علي قال : يترادان الفضل بينهما في الرهن انتهى .

ورواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان به ; وأخرجه البيهقي عن خلاس عن علي ، قال : إذا كان في الرهن فضل ، فإن أصابته جائحة ، فالرهن بما فيه ، فإن لم تصبه جائحة ، فإنه يرد الفضل ، قال البيهقي : وما رواه خلاس عن علي أخذه من صحيفة ، قال ابن معين ، وغيره من الحفاظ : وأخرجه أيضا عن الحارث عن علي ، قال : إذا كان الرهن أفضل من القرض ، أو كان القرض ، أفضل من الرهن ، ثم هلك يترادان الفضل ; وأخرجه أيضا [ ص: 274 ] عن ابن الحنفية عنه ، قال : إذا كان الرهن أقل رد الفضل ، وإن كان أكثر فهو بما فيه . قوله : ومذهبنا روي عن ابن مسعود ، وعمر ; قلت : أخرج البيهقي عن عمر ، [ ص: 275 ] قال في الرجل يرتهن الرهن ، فيضيع ، قال : إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه ، وإن [ ص: 276 ] كان أكثر ، فهو أمين ; وروى ابن أبي شيبة ، والطحاوي عنه ، قال : إذا كان الرهن [ ص: 277 ] بأكثر مما رهن به ، فهو أمين في الفضل ، وإذا كان بأقل رد عليه ، ورواه البيهقي ; وقال : هذا ليس بمشهور عن عمر ; والرواية عن ابن مسعود غريب . [ ص: 278 ] قوله : وعن علي رضي الله عنه أنه قال : المرتهن أمين في الفضل ; قلت : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن عبد الأعلى بن عامر عن محمد بن الحنفية عن علي قال : إذ كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك ، فهو بما فيه ، لأنه أمين في الفضل ، وإذا كان أقل مما رهن به فهلك ، رد الراهن الفضل ، انتهى .

وأخرج نحوه عن عمر حدثنا أبو عاصم عن عمران القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر ، قال : إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهو أمين في الفضل ، وإذا كان أقل رد عليه انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية