نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 332 - 335 ] قال : ( ولا يقتل الرجل بابنه ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا يقاد الوالد بولده }وهو بإطلاقه حجة على مالك رحمه الله في قوله : يقاد إذا ذبحه ذبحا ، ولأنه سبب لإحيائه فمن المحال أن يستحق له إفناؤه ، ولهذا لا يجوز له قتله وإن وجده في صف الأعداء مقاتلا أو زانيا وهو محصن والقصاص يستحقه المقتول ثم يخلفه وارثه ، والجد من قبل الرجال أو النساء وإن علا في هذا بمنزلة الأب وكذا الوالدة والجدة من قبل الأب أو الأم قربت أم بعدت لما بينا ويقتل الولد بالوالد لعدم المسقط .


الحديث الثالث : قال عليه السلام : { لا يقاد الوالد بولده }" ; قلت : روي من حديث عمر بن الخطاب ; ومن حديث ابن عباس ; ومن حديث سراقة بن مالك ; ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . فحديث عمر :

أخرجه الترمذي ، وابن ماجه في " الديات " عن حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يقاد الوالد بالولد }انتهى .

ورواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد في " مسانيدهم " قال صاحب " التنقيح " : قال يحيى بن معين في حجاج : [ ص: 336 ] صدوق ، ليس بالقوي ، يدلس عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب ، وقال ابن المبارك : كان الحجاج يدلس ، فيحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب ، مما يحدثه العرزمي ، والعرزمي متروك ، قال : وقد أخرجه البيهقي عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن عمر بن الخطاب ، فذكر قصة ، وقال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يقاد الأب من ابنه }لقتلتك ، هلم ديته ، فأتاه بها ، فدفعها إلى ورثته ، وترك أباه انتهى .

قال البيهقي : وهذا إسناد صحيح انتهى . والبيهقي رواه كذلك في " المعرفة " ، وكذلك الدارقطني في " سننه " ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " عن عمر بن عيسى القرشي عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ، قال : جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب ، فقالت : إن سيدي اتهمني ، فأقعدني على النار ، حتى أحرق فرجي ، فقال لها عمر : هل رأى ذلك منك ؟ قالت : لا ، قال : فاعترفت له بشيء ؟ قالت : لا ، فقال عمر : علي به ، فقال له عمر : أتعذب بعذاب الله ؟ قال : يا أمير المؤمنين اتهمتها في نفسها ، قال : هل رأيت ذلك عليها ؟ قال : لا ، قال : فاعترفت لك به ؟ قال : لا ، قال : والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يقاد مملوك من مالك ، ولا ولد من والده }لأقدتها منك ، ثم برزه ، فضربه مائة سوط ، ثم قال لها : اذهبي ، فأنت حرة لله تعالى ، وأنت مولاة الله ورسوله انتهى .

وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، أخرجه في " العتق وفي الحدود " ، وتعقبه الذهبي في " مختصره " : فقال : عمر بن عيسى القرشي ، منكر الحديث انتهى . قلت : أخرجه كذلك ابن عدي في " الكامل " ، والعقيلي في " ضعفائه " ، وأعلاه بعمر بن عيسى ، وأسندا عن البخاري أنه قال فيه : منكر الحديث انتهى . وأما حديث ابن عباس :

فأخرجه الترمذي ، وابن ماجه أيضا عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تقام الحدود في المساجد ، ولا يقتل الوالد بالولد }انتهى .

قال الترمذي : حديث لا نعرفه بهذا الإسناد ، إلا من حديث إسماعيل بن مسلم ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل [ ص: 337 ] حفظه انتهى . وأعله ابن القطان بإسماعيل بن مسلم ، وقال : إنه ضعيف انتهى .

قلت : تابعه قتادة ، وسعيد بن بشير ، وعبيد الله بن الحسن العنبري فحديث قتادة :

أخرجه البزار في " مسنده " عنه عن عمرو بن دينار به . وحديث سعيد بن بشير :

أخرجه الحاكم في " المستدرك " عنه عن عمرو به ، وسكت . وحديث العنبري :

أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننيهما " عنه عن عمرو به . وأما حديث سراقة :

فأخرجه الترمذي عن إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { عن سراقة بن مالك بن جعشم ، قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد الأب من ابنه ، ولا يقيد الابن من أبيه }انتهى .

قال الترمذي : حديث فيه اضطراب ، وليس إسناده بصحيح ، والمثنى بن الصباح يضعف في الحديث انتهى . ورواه الدارقطني في " سننه " ، ولفظه : قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نقيد الأب من ابنه ، ولا نقيد الابن من أبيه }انتهى .

قال : والمثنى ، وابن عياش ضعيفان ; وقال في " التنقيح " : حديث سراقة فيه المثنى بن الصباح ، وفي لفظه اختلاف ، فإن البيهقي رواه بعكس لفظ الترمذي من رواية حجاج عن عمرو عن أبيه عن جده عن عمر انتهى .

وقال الترمذي في " علله الكبير " : سألت محمد بن إسماعيل عن حديث سراقة ، فقال : حديث إسماعيل بن عياش عن أهل العراق ، وأهل الحجاز شبه لا شيء انتهى .

وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :

فأخرجه أحمد في " مسنده " [ ص: 338 ] عن ابن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يقاد والد من ولده }انتهى قال في " التنقيح " : وابن لهيعة لا يحتج به ، ، وقال أبو حاتم الرازي : لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئا ، قال : وقد رواه الدارقطني في " الأفراد " من حديث محمد بن جابر اليماني عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عمرو به ، ومحمد ، ويعقوب لا يحتج بهما انتهى كلامه . ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " ، إلى أن قال فيه : عن جده عن عمر ، فذكره ، فينظر مسند أحمد وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يقاد الوالد بولده ، وإن قتله عمدا }انتهى . ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية