نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 430 ] فصل في الحائط المائل

قال : ( وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه فلم ينقضه في مدة يقدر على نقضه حتى سقط ضمن ما تلف به من نفس أو مال ) والقياس أن لا يضمن لأنه لا صنع منه مباشرة ، ولا مباشرة شرط وهو متعد فيه ، لأن أصل البناء كان في ملكه والميلان وشغل الهواء ليس من فعله فصار كما قبل الإشهاد . وجه الاستحسان أن الحائط لما مال إلى الطريق فقد اشتغل هواء طريق المسلمين بملكه ورفعه في يده فإذا تقدم إليه وطولب بتفريغه يجب عليه ، فإذا امتنع صار متعديا بمنزلة ما لو وقع ثوب إنسان في حجره يصير متعديا بالامتناع عن التسليم إذا طولب به كذا هذا ، بخلاف ما قبل الإشهاد لأنه بمنزلة هلاك الثوب قبل الطلب ، ولأنا لو لم نوجب عليه الضمان يمتنع عن التفريغ ، فينقطع المارة حذرا على أنفسهم فيتضررون به ودفع الضرر العام من الواجب ، وله تعلق بالحائط فيتعين لدفع هذا الضرر ، وكم من ضرر خاص يتحمل لدفع العام منه ، ثم فيما تلف به من النفوس تجب الدية وتتحملها العاقلة لأنه في كونه جناية دون الخطإ ، فيستحق فيه التخفيف بالطريق الأولى ، كي لا يؤدي إلى استئصاله والإجحاف به ، وما تلف به من الأموال كالدواب والعروض يجب ضمانها في ماله ، لأن العواقل لا تعقل المال ، والشرط التقدم إليه ، وطلب النقض منه دون الإشهاد ، وإنما ذكر الإشهاد ليتمكن من إثباته عند إنكاره ، فكان من باب الاحتياط . وصورة الإشهاد : أن يقول الرجل اشهدوا أني قد تقدمت إلى هذا الرجل في هدم حائطه هذا ، ولا يصح الإشهاد قبل أن يهيئ الحائط لانعدام التعدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية