نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 342 - 348 ] فصل في الدفن ( ويحفر القبر ويلحد ) لقوله عليه الصلاة والسلام { اللحد لنا والشق لغيرنا }.


[ ص: 348 ] فصل في الدفن الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : { اللحد لنا ، والشق لغيرنا } ، قلت : روي من حديث ابن عباس ، ومن حديث جرير ، ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فحديث ابن عباس ، أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اللحد لنا ، والشق لغيرنا }انتهى قال الترمذي : غريب من هذا الوجه . انتهى وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي ، فيه مقال ، قال ابن القطان في " كتابه " : أراه لا يصح من أجله ، كان ابن مهدي لا يحدث عنه ، ووصفه بالاضطراب .

وقال أبو زرعة : ضعيف ، وربما رفع الحديث ، وربما وقفه ، وقال ابن عدي : قال أحمد رضي الله عنه : منكر الحديث ، حدث عن سعيد بن جبير ، وابن الحنفية ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، بأشياء لا يتابع عليها . انتهى كلامه .

وأما حديث جرير رضي الله عنه : فأخرجه ابن ماجه في " سننه " عن أبي اليقظان عن زاذان عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه سواء ، ورواه أحمد وأبو داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة في " مسانيدهم " ، ورواه عن عبد الرزاق في " مصنفه " ، ومن طريقه الطبراني في " معجمه " ، وأبو نعيم في " الحلية في [ ص: 349 ] ترجمة زاذان " ، قال أبو نعيم : رواه عن أبي اليقظان سفيان الثوري ، وعمرو بن قيس الملائي وحجاج بن أرطاة ، وأبو حمزة الثمالي ، وقيس بن الربيع . انتهى وله طريق آخر عند أحمد في " مسنده " عن أبي جناب عن زاذان عن جرير { أن النبي عليه الصلاة والسلام جلس على شفير قبر ، فقال : ألحدوا ، ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا ، والشق لغيرنا } ، وفيه قصة ، والأول معلول بأبي اليقظان ، واسمه : عثمان بن عمير البجلي ، وفيه مقال والثاني : معلول بأبي جناب الكلبي ، وفي الآخر مقال ، وأما حديث جابر فرواه أبو حفص بن شاهين في " كتاب الجنائز " حدثنا جعفر بن أحمد أنا الشحام ثنا عبد الأعلى بن واصل ثنا محمد بن الصلت عن محمد بن عبد الملك الأسلمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اللحد لنا والشق لغيرنا }. انتهى .

أحاديث الباب : وروى ابن ماجه في " سننه " حدثنا محمود بن غيلان ثنا هاشم بن القاسم حدثنا مبارك بن فضالة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك ، قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان : أحدهما : يلحد ، والآخر : يضرح ، فقالوا : نستخير ربنا ، ونبعث إليهما ، فأيهما سبق تركناه ، فأرسل إليهما ، فسبق صاحب اللحد ، فلحدوا للنبي عليه السلام . انتهى وحدثنا عمر بن شبة ثنا عبيد بن الطفيل المقري ثنا عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق ، حتى تكلموا في ذلك ، وارتفعت أصواتهم ، فقال عمر رضي الله عنه : لا تصيحوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا ، أو كلمة نحوها ، فأرسلوا إلى الشقاق ، واللاحد ، فجاء اللاحد ، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن . انتهى .

{ حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " من طريق مالك ثنا نافع عن ابن [ ص: 350 ] عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له } ، ولأبي بكر ، ولعمر . انتهى .

{ حديث آخر } : رواه ابن ماجه في " سننه " أيضا من طريق ابن إسحاق ثنا حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح ، كحفر أهل مكة ، وكان أبو طلحة زيد بن سهل يحفر لأهل المدينة ، وكان يلحد ، فدعا العباس رجلين ، فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة وللآخر : اذهب إلى أبي طلحة ، اللهم خر لرسولك ، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة ، فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه في مسجده ، وقال قائل : ندفنه مع أصحابه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض ، فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه ، فحفر له تحته ، ثم دعا الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا ، دخل الرجال ، حتى إذا فرغوا ، أدخل النساء ، حتى إذا فرغ النساء ، أدخل الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد ، فدفن صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ، ليلة الأربعاء ، ونزل في حفرته علي بن أبي طالب ، والفضل بن العباس ، وقثم أخوه ، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أوس بن خولى وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب : أنشدك الله ، وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له علي رضي الله عنه : انزل ، وكان شقران مولاه ، أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ، فدفنها في القبر ، وقال : والله لا يلبسها أحد بعدك ، فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم }. انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية