نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 387 - 392 ] ( ومن له على آخر دين فجحده سنين ثم قامت له به بينة لم يزكه لما مضى ) معناه صارت له بينة ، بأن أقر عند الناس ، وهي مسألة مال الضمار ، وفيه خلاف زفر والشافعي رحمهما اللهومن جملته : المال المفقود ، والآبق ، والضال ، والمغصوب إذا لم يكن عليه بينة ، والمال الساقط في البحر ، والمدفون في المفازة إذا نسي مكانه ، والذي أخذه السلطان مصادرة ، ووجوب صدقة الفطر بسبب الآبق ، والضال والمغصوب على هذا الخلاف ، لهما أن السبب قد تحقق ، وفوات اليد غير مخل بالوجوب كمال ابن السبيل ، ولنا قول علي رضي الله عنه : " لا زكاة في مال الضمار " ولأن السبب هو المال النامي ، ولا نماء إلا بالقدرة على التصرف ، ولا قدرة عليه ، وابن السبيل يقدر بنائبه ، والمدفون في البيت نصاب لتيسر الوصول إليه ، وفي المدفون في أرض أو كرم اختلاف المشايخ ، ولو كان الدين على مقر مليء أو معسر تجب الزكاة ; لإمكان الوصول إليه ابتداء أو بواسطة التحصيل ، وكذا لو كان على [ ص: 393 ] جاحد وعليه بينة أو علم به القاضي لما قلنا ، ولو كان على مقر مفلس فهو نصاب عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأن تفليس القاضي لا يصح عنده ، وعند محمد لا تجب ; لتحقق الإفلاس عنده بالتفليس ، وأبو يوسف مع محمد في تحقق الإفلاس ، ومع أبي حنيفة رحمه الله في حكم الزكاة ، رعاية لجانب الفقراء .


قوله : روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : لا زكاة في مال الضمار ، قلت : [ ص: 393 ] غريب .

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال في باب الصدقة " حدثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن الحسن البصري رضي الله عنه ، قال : إذا حضر الوقت الذي يؤدي فيه الرجل زكاته أدى عن كل مال ، وعن كل دين ، إلا ما كان منه ضمارا لا يرجوه . انتهى .

وروى مالك رضي الله عنه في " الموطأ " عن [ ص: 394 ] أيوب بن أبي تميمة السختياني أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما ، فأمر برده إلى أهله ، وتؤخذ زكاته ; لما مضى من السنين ، ثم عقب بعد ذلك بكتاب ، أن لا يؤخذ منه إلا زكاة سنة واحدة ، فإنه كان ضمارا ، قال مالك رضي الله عنه : الضمار : المحبوس عن صاحبه انتهى .

قال الشيخ رحمه الله في " الإمام " : فيه انقطاع بين أيوب وعمر .

{ حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عمرو بن ميمون ، قال : أخذ الوليد بن عبد الملك مال رجل من أهل الرقة يقال له : أبو عائشة عشرين ألفا ، فألقاها في بيت المال ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز أتاه ولده ، فرفعوا مظلمتهم إليه فكتب إلى ميمون : أن ادفعوا إليهم أموالهم ، وخذوا زكاة عامهم هذا ، فإنه لولا أنه كان مالا ضمارا أخذنا منه زكاة ما مضى . انتهى .

أخبرنا أبو أسامة عن هشام عن الحسن ، قال : عليه زكاة ذلك العام . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية